الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ }

{ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً } قال ابن جرير: طبقاً فوق طبق، بعضها فوق بعض.

وقال المهايمي: أي: يوافق بعضها بعضاً بلا تضاد، ليتم أمر الحكمة في الكوائن والفواسد.

وقال بعض علماء الفلك: اعلم أن لفظ (السماء) يطلق لغة على كل ما علا الإنسان، فإنه من السمو، وهو العلو، فسقف البيت سماء، ومنه قوله تعالى:فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ } [الحج: 15] أي: فليمدد بحبل إلى سقف بيته. وهذا الفضاء اللانهائي سماء. ومنه قوله تعالى:كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } [إبراهيم: 24]. والسحاب سماء، ومنه قوله تعالىوَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } [البقرة: 22] والكواكب سماوات. فالسماوات السبع المذكورة كثيراً في القرآن الشريف، هي هذه السيارات السبع، وهي طباق، أي: أن بعضها فوق بعض، لأن فلك كل منها فوق فلك غيره.

{ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ } أي: تخالف وعدم تناسب في رعاية الحكمة، بل راعاها في كل خلقه.

{ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ } أي: إن شككت، فكرر النظر { هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } أي: خلل. وأصل (الفطور) الصدوع والشقوق. أريد به لازمه. كذا قالوه، والصحيح أنه على حقيقته أي: هل ترى من انشقاق وانقطاع بين السماوات، بحيث تذهب باتصالات الكواكب فتفرقها، وتقطع علاقاتها وأحبال تجاذبها؟ كلا! بل هي متجاذبة، مرتبط بعضها ببعض من كل جهة، كما تقدم في سورة (ق) في آية:أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } [ق: 6].