الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } * { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } * { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } * { وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتْ }

{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أظلمت، عطية عنه: ذهبت، مجاهد: أضمحلت، قتادة: ذهب ضوؤها، سعيد بن جبير: عوّرت وهي بالفارسية كوريكرد. أبو صالح: نكست، وعنه أيضاً: أُلقيت، يقال: طعنه فكوّره، أي: ألقاه، ربيع بن هيثم: رُمي بها. واصل التكوّر في كلام العرب جمع بعض الشيء إلى بعض كتكوير العمامة، وهو لفّها على الرأس، وتكوير الكارة من النبات، وهو جمع بعضها إلى بعض ولفّها، فمعنى قوله { إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ }: جمع بعضها إلى بعض، ثم لف فرمي بها وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوئها، دليله ونظيره قوله سبحانهوَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } [القيامة: 9].

{ وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } أي تناثرت من السماء فتساقطت على الأرض ويقال: انكدر الطائر أي سقط عن عشّه.

قال العجاج:
أبصر ضربان فضاء فانكدر.   
وانكدر القوم إذا جاؤا أرسالا حتى انصبوا عليهم، قال ذو الرمّة:
فانصاع جانبه الوحشي وانكدرت   يلجبن لا يأتلي المطلوبُ والطّلبُ
ابن عباس: تغيّرت.

{ وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } عن وجه الأرض فصارت هباء منبثاً { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ } وهي النوق الحوامل التي أتى على حملها عشرة أشهر واحدتها عُشراء، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع لتمام سنة وهي أنفس ما تكون عند أهلها وأعزّها عليهم. { عُطِّلَتْ } سُيّبت وأهملت تركها أربابها وكانوا [....] لأذنابها فلم تركب ولم تحلب، ولم يكن في الدنيا مال أعجب إليهم منها. لاتيان ما يشغلهم عنها.

{ وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ }.

أخبرنا عبد الخالق قال: أخبرنا ابن حبيب قال: حدّثنا أبو العباس البرتي قال: حدّثنا أبو نعيم قال: حدّثنا سفيان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } قال: حشرها موتها، وقال ابن عباس: حشر كلّ شيء الموت غير الجنّ والإنس فإنهما يوقفان يوم القيامة، وقال أُبيّ بن كعب وإذا { ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } أي اختلطت. قتادة: جمعت، وقيل: بعثت ليقضي الله [بينها].

{ وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } قرأ أهل مكّة والبصرة بالتخفيف وغيرهم بالتشديد، واختلفوا في معناه فقال ابن زيد وشمر بن عطيّة وسفيان ووهب: أُوقدت فصارت ناراً.

قال ابن عباس: يكوّر الله الشمس والقمر والنجوم في البحر فيبعث عليها ريحاً دبوراً فينفخه حتى يصير ناراً.

وقال مجاهد ومقاتل والضحّاك: يعني فجر بعضها في بعض العذب والملح فصارت البحور كلّها بحراً واحداً.

قال الحلبي: ملئت، ربيع بن حيثم: فاضبّت، الحسن: يبست، قتادة: ذهب ماؤها فلم يبق فيها قطرة، وقتل: صارت مياهها بحراً واحد له من الحميم لأهل النار.

وأخبرنا عقيل أنّ أبا الفرج أخبرهم عن ابن جرير قال: حدّثنا الحسن بن الحريث قال: حدّثنا الفضل موسى عن الحسين بن واقد عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: حدّثني أُبيّ بن كعب قال: ستّ آيات قبل يوم القيامة بينما الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس فبينما هم كذلك إذ تناثرت النجوم فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض فجردت واضطربت واحترقت وفزعت الجن إلى الإنس والإنس إلى الجن واختلطت الدواب والطير والوحش وماج بعضهم في بعض فذلك قوله سبحانه { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } قال: اختلطت { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } قال: أهملها أهلها { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } قال: قالت الجن للإنس: نحن نأتيكم بالخبر، فانطلقوا إلى البحر فإذا هي نار تأجج.

السابقالتالي
2 3