الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ } * { لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ }

قوله: { إِنَّا } يؤتى بإن لتأكيد الحكم، والرد على منكر أو شاك، والمخاطبون فيهم ذلك، فقد قالوا: من تلقاء نفسه، وقالوا: أساطير الأولين، وقالوا: تنزلت به الشياطين، فرد على جميع ذلك بذكر الإنزال، لا أنه مختلق، ولا من أساطير الأولين، إن قلت: إن المؤمنين يصدقون خبر المولى بلا توكيد، والكافرون يعاندون ولو تعدد التأكيد. أجيب بجوابين، الأول: يمنع أن الكافرين يعاندون مع التأكيد، فإن عادتهم الانقياد للتأكيدات، فربما حصل لهم هداية بسبب ذلك. الثاني: على تسليم أنهم يعاندون من التأكيد، فلا نسلم حصر إن في التأكيد، بل قد يؤتى بها ترغيباً في تلقي الخبر، والتنبيه بعظيم قدره وشرف حكمه، ويحتمل أنها للمتلكم المعظم نفسه، وهو الله تعالى، إشعاراً بتعظيم المنزل والمنزل به، ويحتمل أنها للمتكلم ومعه غيره، فإن الله أنزله، والملائكة لهم مدخلية في انزاله، والمعنى: إنا وملائكة قدسنا أنزلناه على حدإِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ } [الأحزاب: 56] والإسناد لله حقيقة إجماعاً، وللملائكة قيل كذلك، وقيل مجاوز عليه، فلا مانع من الجمع بين الحقيقة والمجاز يقال: بنى الأمير وعملته المدينة، ولا يعترض بالجمع بين القديم والحادث في ضمير واحد، فإنه حاصل في ضمير { يُصَلُّونَ }أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ } [التين: 8] ونحوه، وأما قوله عليه السلام للخطيب: بئس الخطيب لما قال: من يطع الله ورسوله فقد اهتدى، ومن بعصهما فقد غوى فأن الخطب محل إطناب، وقيل: وقف على قوله ومن يعصهما قبل الجواب.

قوله: { أَنزَلْنَاهُ } إن قلت الإنزال وصف للأجسام، والقرآن عرض لا جسم، فيكف يوصف بالإنزال؟ أجيب بجوابين، الأول: أن الإنزال بمعنى الإيحاء، وفي الكلام استعارة تبعية، حيث شبه الإيحاء بالإنزال، واستعير الإيحاء للإنزال، واشتق من الإنزال أنزلناه بمعنى أوحينا. الثاني: إن إسناد النزول إليه مجاز عقلي، وحقه أن يسند لحامله، فالتجوز إما في الظرف أو الإسناد. قوله: (أي القرآن) أشار بذلك إلى أن الضمير في { أَنزَلْنَاهُ } عائد على القرآن. إن قلت: إنه لم يتقدم له ذكر. أجيب: بأنه اتكل على عظم قدره وشهرة أمره، حتى لا يحتاج للتصريح. قوله: (جملة واحدة من اللوح المحفوظ) الخ، أي ثم نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوماً مفرقة في مدة عشرين سنة، أو ثلاث وعشرين سنة، الخ، ومعنى إنزاله جملة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا؛ أن جبريل أملاه على ملائكة السماء الدنيا فكتبوه في صحف، وكانت تلك الصحف في محل من تلك السماء يقال له بيت العزة. قوله: (من سماء الدنيا) أي بيت العزة منها، وما ذكره المفسر، من أن المراد إنزال القرآن جملة إلى سماء الدنيا، أحد أقوال في تفسير الآية، وقيل: المعنى ابتدأنا إنزاله على محمد صلى الله عليه وسلم تلك الليلة.

السابقالتالي
2 3