الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } * { وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً } * { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }

قوله تعالى: { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } إلى آخرها.

العامل في { إِذَا جَآءَ } على ما تقدم في { إِذَا زُلْزِلَتِ }. والمعنى: إذا جاء - يا محمد - نصر الله إياك على قومك { وَٱلْفَتْحُ } أي فتح مكة.

{ وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ... } في صنوف قبائل العرب { يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً } ، أي: الإسلام الذي بَعَثْتُكَ بِه { أَفْوَاجاً } ، أي: زمراً زمراً.

قال ابن عباس: " بَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمدِينة إذا قال: الله أكبر، الله أكبر، جاء نصر الله والفتح، جاء أَهْلُ اليَمَنِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، وَمَا أَهْلُ الْيَمَنِ؟ قال: قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قلُوبُهُمْ، لَيّنَةٌ [طِبَاعُهُمْ]، الإيمان يَمَانٌ والْحِكْمَة يَمَانِيه " [قالت عائشة رضي الله عنها: " مَا صَلّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاةً بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } إِلاَّ يَقُولُ فِيهَا: سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ".

وروي عنها " أنه عليه السلام كان يقول ذلك في ركوعه وسجودة يَتَأَوَّلُ القرآن " وسئل عمر عن قوله { وَٱلْفَتْحُ } ، فقال: فتح المدائن والحصون، فقال لابن عباس: ما تقول؟ قال: أَجَلْ، هو مثل ضُرِبَ لمحمد، نُعِيَتْ له نفسه.

وقالت عائشة رضي الله عنها: " كَان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه. قالت: فقلت: يا رسول الله، أراك تكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه! فقال: خبرني ربي جل ثناؤه أني سأرى علامة في أمتي، فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان الله وبحمده وأستغفر الله وأتوب إليه، فقد رأيتها، { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } ، (فتح) مكة { وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً } ".

وقال ابن عباس: سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن قول الله { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } ، فقالوا: فتح المدائن والقصور / قال: فأنت يا ابن عباس ما تقول؟ قال: فقلت: هو مثل ضرب لمحمد صلى الله عليه وسلم نعيت له نفسه.

وروي عنه أنه قال: هذه السورة علم وحد حده (الله لنبيه) ونعى له نفسه، (أي) إنك لن تعيش بعد هذا إلا قليلاً.

قال قتادة: " والله، ما عاش بعد ذلك إلا قليلاً، سنتين، ثم توفي صلى الله عليه وسلم ". وهو قول ابن مسعود ومجاهد والضحاك ومعنى { وَٱسْتَغْفِرْهُ }: واسأله المغفرة.

{ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }.

(أي): إن الله لم يزل ذا رجوع لعبده المطيع إلى ما يحب. وقوله: { وَٱسْتَغْفِرْهُ } وقف كاف عند أبي حاتم.