الرئيسية - التفاسير


* تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق


{ خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } * { عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ }

قوله جلّ ذكره: { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ }.

{ ٱلإِنسَانَ }: ها هنا جِنْسُ الناس؛ عَلَّمَهم البيانَ حتى صاروا مُمَيزَّين - فانفصلوا بالبيان عن جميع الحيوان. وعَلَّمَ كُلَّ قومٍ لسانَهم الذي يتكلمون ويتخاطبون به.

والبيانُ ما به تبينُ المعاني - وشَرْحُه في مسائل الأصول.

ويقال: لمَّا قال أهلُ مكة إنما يُعلِّمه بَشَرٌ ردَّ الله - سبحانه - عليهم وقال: بل عَلَّمَه اللَّهُ؛ فالإنسانُ على هذا القول هو محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل هو آدم عليه السلام.

ويقال: البيان الذي خُصَّ به الإنسان (عموماً) يعرِفُ به كيفيةَ مخاطبةِ الأغيار من الأمثال والأشكال. وأمَّا أهل الإيمان والمعرفة فبيانُهم هو عِلْمُهم كيفيةَ مخاطبةِ مولاهم - وبيانُ العبيدِ مع الحقِّ مختلفٌ: فقومٌ يخاطِبونه بلسانهم، وقومٌ بأنفاسهم، وقوم بدموعهم:
دموعُ الفتى عمَّا يحسُّ تترجمُ   وأشواقه تبدين ما هو يكتم
وقومُ بأنينهم وحنينهم:

قُلْ لي بألسنة التنفُّس كيف أنت وكيف حالك؟