الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير صدر المتألهين/ صدر المتألهين الشيرازي (ت 1059 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

وفيه ظلال فَرْشيّة وإشراقيات عَرْشيّة.

ظلّ فَرْشي

في الإعراب

قوله: { وَآخَرِينَ } صفة لمجرور معطوف على الأمّيين، يعني إنّه بعث في الأمّيين، وفي من يجيء بعدهم إلى يوم الدين. وفي الكشّاف: يجوز أن ينتصب عطفاً على المنصوب في " يُعلِّمهم " ، أي: يعلّمهم ويعلّم آخرين، ووَجّه ذلك بأنّ التعليم إذا تناسق إلى آخر الزمان كان كلّه مستندا إلى أوّله، فكأنّه هو الذي تولّى كل ما وجد منه.

واعلم أنّ هذا الوجه الذي ذكره في كون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معلّما لكلّ من يجيء إلى يوم القيامة - وإن كان موجّها على طريقة أهل الحجاب وأرباب العقول النظريّة وحَمَلة الكتاب، كقول أصحاب الحكمة الرسميّة في أرسطو: إنّه معلّم أوّل لمن يجيء بعده من أتباع المشّائين من الفلاسفة -، إلاّ أنّ أصحاب العيون المكحلة بأنوار الإهتداء، العارفين بحقيقة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)، يرون ببصيرتهم السليمة عن غشاوة الامتراء، أنّ إمداد روحه وسرّه نافذ في تقويم أرواح من لحقه من الأولياء والعلماء، إلى قيام المهدي (ع)، بل في أرواح من سبقه زمانا من الأنبياء والحكماء من وقت آدم من جهة السبب الباطني الفاعلي والغائي جميعا. وقد بيّن هذا في موضعه.

إشراق

المراد من الآخرين قيل: هم الذين لم يلحقوا بالأمّيين بعد وسيلحقون بهم، وهم الذين بعد الصحابة من التابعين.

وقيل: هم الذين يأتون من بعدهم إلى يوم القيامة، فإنّ الله سبحانه بعث النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إليهم، وشريعته تلزمهم وإن لم يلحقوا بزمان الصحابة - عن مجاهد وابن زيد -.

وقيل: هم الأعاجم ومن لا يتكلّم بلغة العرب، فإنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مبعوث إلى من شاهده، والى كلّ من بعدهم من العرب والعجم - عن ابن عمر وسعيد بن جبير وهو المرويّ عن أبي جعفر (ع) -.

وقيل: " لمّا نزلت هذه الآية، قيل: مَن هم يا رسول الله؟ فوضع يده على كتف سلمان وقال: لو كان الإيمان في الثريّا لناله رجال مِن هؤلاء ".

وعلى هذين الوجهين فإنّما قال: " مِنهُم " لأنّهم إذا أسلموا صاروا منهم، كما قال: " المسلمون كلّهم يد واحدة على مَن سواهم وأمّة واحدة وإن اختلفت أنواعهم " وكما قال سبحانه:وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } [التوبة:71]. ومن لم يؤمن بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فانّهم ليسوا ممّن عناهم الله بقوله: { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ } - وإن كان مبعوثاً إلى كافّة الخلق بالدعوة، وبقوله:وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } [آل عمران:164] - فإنّ من لم يؤمن لم يكن ممن زكّاه الله تعالى وعلّمه القرآن والحكمة.

السابقالتالي
2