الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }

تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، بيان شواهده عند قوله تعالى:ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ } [الفرقان: 2] الآية من سورة الفرقان.

تنبيه

ففي اتخاذ الولد لا يستلزم نفي الولادة، لأن اتخاذ الولد قد يكون بدون ولادة كالتبني أو غيره، كما في قصة يوسف في قوله تعالى عن عزيز مصر:أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً } [يوسف: 21].

ففي هذه السورة نفي أخص، فلزم التنبيه عليه في هذه السورة الكريمة وهي سورة الإخلاص. والتي تعدل ثلث القرآن لاختصاصها بحق الله تعالى في ذاته وصفاته من الوحدانية والصمدية، ونفي الولادة والولد، ونفي الكفء، وكلها صفات انفراد الله سبحانه.

وقد جاء فيها النص الصريح بعدم الولادة، وأنه سبحانه وتعالى لم يلد ولم يولد، فهي أخص من تلك، وهذا من المسلمات عن المسلمين جميعاً بدون شك ولا نزاع ولم يؤثر فيها أي خلاف.

ولكن غير المسلمين لم يسلموا بذلك، فاليهود قالوا: عزيز ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، والمشركون قالوا: الملائكة بنات الله.

فاتفقوا على ادعاء الولد لله، ولم يدع أحد أنه سبحانه مولود.

وقد جاءت النصوص الصريحة في نفي الولد عن الله سبحانه وتعالى، إلا أن مجرد النص الذي لم يؤمن به الخصم لا يكفي لإقناعه، وفي هذه السورة وهي المختصة بصفات الله، لم يأت التنويه فيها عن المانع من اتخاذ الله للولد، ومن كونه سبحانه لو يولد.

ولما كان بيان المانع أو الموجب من منهج هذا الكتاب، إذا كان يوجد للحكم موجب أو مانع ولم تتقدم الإشارة إلى ذلك، فيما تقدم من كلام الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مع أنه رحمه الله، قد تكلم على آيات الأسماء والصفات جملة وتفصيلاً، بما يكفي ويشفي.

ولكن جاء في القرآن الكريم ذكر ادعاء الولد لله، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.

وجاء الرد من الله تعالى مع بيان المانع مفصلاً مع الإشعار بالدليل العقلي، ولذا لزم التنويه عليه، وذلك في قوله تعالى:وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ بَدِيعُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [البقرة: 116-117].

فهذا نص صريح فيما قالوه: { ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً }.

ونص صريح في تنزيه الله سبحانه وتسبيحه عما قالوا.

ثم جاء حرف الإضراب عن قولهم:بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } [البقرة: 116]، ففيه بيان المانع عقلاً من اتخاذ الولد بما يلزم الخصم، وذلك أن غاية اتخاذ الولد أن يكون باراً بوالده، وأن ينتفع الوالد بولده. كما في قوله تعالى:ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا }

السابقالتالي
2 3