الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ }

فإنه بيان إجمالي لشأنها إثر تشويقه عليه الصلاة والسلام إلى درايتها فإن ذلك معرب عن الوعد بإدرائها. وعن سفيان بن عيينة أن كل ما في القرآن من قوله تعالى:مَا أَدْرَاكَ } [الحاقة: 3] أعلم الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم وما فيه من قوله سبحانهوَمَا يُدْرِيكَ } [الأحزاب: 63] لم يعلمه عز وجل به. وقد مر بيان كيفية إعراب الجملتين وفي إظهار ليلة القدر في الموضعين من تأكيد التعظيم والتفخيم ما لا يخفى.

والمراد بإنزاله فيها إنزاله كله جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا فقد صح عن ابن عباس أنه قال أنزل القرآن في ليلة القدر جملة واحدة إلى السماء الدنيا وكان بمواقع النجوم وكان الله تعالى ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض وفي رواية بدل وكان بمواقع الخ ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة وفي رواية أخرى عنه أيضاً أنزل القرآن جملة واحدة حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا ونزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم بجواب كلام العباد وأعمالهم وفي أخرى أنه أنزل في رمضان ليلة القدر جملة واحدة ثم أنزل على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام. وكون النزول بعد في عشرين سنة قول لهم وقال بعضهم وهو الأشهر في ثلاث وعشرين وقال آخر في خمس وعشرين وهذا للخلاف في مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعث. وقال الشعبـي المراد ابتدأنا بإنزاله فيها. والمشهور أن أول ما نزل من الآياتٱقْرَأْ } [العلق: 1] وأنه كان نزولها بحراء نهاراً نعم في «البحر» روي أن نزول الملك في حراء كان في العشر الأواخر من رمضان فإن صح وكان المراد كان ليلاً فذاك وإلا فظاهر كلام الشعبـي غير مستقيم اللهم إلا أن يقال إنه أراد ابتداء إنزاله إلى السماء الدنيا فيها ولا يلزم أن يتحد ذلك وابتداء إنزاله عليه صلى الله عليه وسلم في الزمان ثم إن في { أَنزَلْنَاهُ } على ما ذكر تجوزاً في الإسناد لأنه أسند فيه ما للجزء إلى الكل، أو مجازاً الطرف أو تضميناً.

وقيل المراد إنزاله من اللوح إلى السماء الدنيا مفرقاً في ليالي قدر على أن المراد بليلة الجنس فقد قيل إن القرآن أنزل إلى السماء الدنيا في عشرين ليلة قدر أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين وكان ينزل في كل ليلة ما يقدر الله تعالى إنزاله في كل السنة ثم ينزله سبحانه منجماً في جميع السنة وهذا القول ذكره الإمام احتمالاً ونقله القرطبـي كما قال ابن كثير عن مقاتل لكنه مما لا يعول عليه والصحيح المعتمد عليه كما قال / ابن حجر في «شرح البخاري» أنه أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا بل حكى بعضهم الإجماع عليه نعم لا يبعد القول بأن السفرة هناك نجموه لجبريل عليه السلام في الليالي المذكورة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9