الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } * { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً }

{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } بلغن آخر مدة العدة { فَأَمْسِكُوهُنَّ } بالمراجعة بلا صداقٍ أو بعقد نكاح جديد بصداق. { بِمَعْرُوفٍ } مع معروف أو متلبسين بمعروف منكم كترك الحقد، وعدم التعيير وعدم التهديد بطلاق آخر، وحسن عشرة، وإِنفاق حسن، وكذلك من جانبهن، إِلا أن الآية سيقت لمعروف منهم، وعدم قصد التطويل عليها بتطليق آخر فى آخر مدة العدة.

{ أوْ فِارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } لا بشتم وحقد وإِفشاء مساوئها وذمها وبهتها { وَأشْهِدُوا } أيها المطلقون. { ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنْكُمْ } لا عدلا وامرأتين عدلين وأجازه بعض. والإِشهاد يكون عند المراجعة ولا تصح بدونه، كما لا يصح النكاح إِلا به. وكذا إِن أراد عقد النكاح عليها فى العدة بدل الرجعة لا بد من الإِشهاد من باب أولى، وذلك مذهبنا، وقديم الشافعى، وإِن راجع بلا شهود أو بشاهد واحد ومس حرمت، وفى الجديد، ومذهب الحنفية، والمالكية جواز الرجعة بلا شهود وصح الطلاق بلا إِشهاد، وإِنما يحتاج إِلى الإِشهاد عليه لما يترتب عليه من الأَحكام كدفع أن تدعى هى أو هو ثبوت الزوجية ليرث، وكدفع أن تنكر الرجعة لتتزوج، وزعم بعض عن أئمة من أهل البيت أنه لا يصح الطلاق إِلا بالإِشهاد، ولا يصح ذلك عنهم. { وَأقِيمُوا } أيها الشهود { الشَّهَادَةَ للهِ } أخلصوها لله تعالى لا تكتموها ولا تنقصوا منها ولا تزيدوا فيها، بل أدوها كما أخذتموها، وفى الآية دليل على أن لا قبح فى ترك النداء مع عطف أمرين لمأمورين مع ظهور المراد كما هنا فإِن الأَمر فى { أشهدوا } للمطلقين وفى " أقيموا " للشهود، وكما فى قوله عز وجل:يوسف أعرض.. } [يوسف: 29] الخ، ولا سيما مع التخالف كما فى الآيتين فإِن أشهدوا وأقيموا ولو توافقا فى الأَمر والجمعية لكن قد ظهر أن الأَول لغير الشهود والثانى للشهود ولو اتفقا بلا ظهور منع أو قبح نحو اضرب واخرج تريد أمر زيد بالضرب وعمرو بالخروج فلا بد أن تقول اضرب يا زيد واخرج يا عمرو.

{ ذَلِكُمُ } إِشارة إِلى ما ذكر من الإِمساك بمعروف أو الفراق بمعروف، وإِقامة الشهادة أو إِلى التطليق للعدة وما بعد ذلك إِلى إِقامة الشهادة، وقيل الإِشارة إِلى إِقامة الشهادة والتعميم أولى لعدم دليل للتخصيص ولأَنه أكثر فائدة وأنسب بقوله " ومن يتق الله " ولعل وجه تخصيصها صعوبة المشى إِلى تأديتها، وهى لازمة الأَداء عليهم فى الفرسخين ولهم الأجرة فيما بعدهما ولو أَغنياء، وفيهما إِن كان أداؤها يشغلها عن الكسب وهم فقراء محتاجون.

{ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِر } أى يؤثر الوعظ فيه، وأما المشرك فكذلك أمر لأَنه مخاطب بالفروع إِلا أنه لا يتأَثر بالوعظ بذلك إِلا أن يشاء الله.

السابقالتالي
2 3