الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ }

{ ذلك } اى امر الدنيا وفى بحر العلوم اى ارادة الدنيا وايثارها على الآخرة وفى الارشاد اى ماأداهم الى ماهم فيه من التولى وقصر الارادة على الحياة الدنيا { مبلغهم من العلم } لايكادون يجاوزونه الىغيره حتى يجديهم الدعوة والارشاد كقوله تعالىيعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون } فمبلغ اسم مكان وجمع الضمير فى مبلغهم باعتباره معنى من كما ان افراده فيما سبق باعتبار لفظها والمراد بالعلم مطلق الادراك المنتظم للظن الفاسد والجلمة اعتراض مقرر لقصر همتهم على الدنيا الدنية التى هى ابغض الخلق الى الله تعالى بشهادة قوله عليه السلام " ان الله لم يخلق خلقا هو ابغض اليه من الدنيا ومانظر اليها منذ خلقها بغضا لها " رواه ابو هريرة رضى الله عنه ومعنى هو ان الدنيا على الله سبحانه انه تعالى لم يجعلها مقصودة لنفسه بل جعلها طريقا موصلة الى ماهو المقصود لنفسه ولذلك قال عليه السلام " الدنيا قنطرة فاعبروها لا تعمروها " فما ورد من اباحة لعن الدنيا فباعتبار ماكان منها مبعدا عن الله تعالى وشاغلا عنه كما قال بعض اهل الحقيقة ماالهاك عن مولاك فهو دنياك ومشئوم عليك واما مايقرب الى الله ويعين الى عبادته فممدوح كما قال عليه السلام " لاتسبوا الدنيا فنعمت مطية المؤمن عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر ان العبد اذا قال لعن الله الدنيا قالت الدنيا لعن الله اعصانا لربه " وفى المثنوى
جيست دنيا از خدا غافل بدن نى قماش ونقره وميزان و زن مال را كزبهر دين باشى حمول نعم مال صالح خواندش رسول آب در كشتى هلاك كشتى است آب اند زير كشتى بشتى است جونكه مال وملك را ازدل براند زان سليمان خويش جرسكين نخواند   
قال بعض الكبار من ذم الدنيا فقد عق امه لان جميع الانكاد والشرور التى ينسبها الناس الى الدنيا ليس هو فعلها وانما هو فعل اولادها لان الشر فعل المكلف لافعل الدنيا فهى مطية العبد عليها يبلغ الخير وبها ينجوا من الشر فهى تحب ان لايشقى احد من اولادها لانها كثيرة الحنو عليهم وتخاف أن تأخذهم الضرة الاخرى على غير اهبة مع كونها ما ولدتهم ولا تعبث فى تربيتهم فمن عقوق اولادها كونهم ينسبون جميع افعال الخير الى الآخرة ويقولون اعمال الآخرة والحال انهم ما عملوا تلك الاعمال الا فى الدنيا فللدنيا اجر المصيبة التى فى اولادها ومن اولادها فما انصف من ذمها بل هو جاهل بحق امه ومن كان كذلك فهو بحق الآخرة اجهل انتهى. واعلم ان الارادة والنية واحد وهو قصد قلبى ينبعث الى قلب الانسان بالبعث الالهى فهذا البعث الالهى ان كان بالفجور على ماقال تعالى

السابقالتالي
2