الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

{ ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً } ، أي: علماءهم وقرّاءهم، والأحبار: العلماء، واحدها حبر، وحبر بكسر الحاء وفتحها، والرهبان من النصارى أصحاب الصوامع فإن قيل: إنهم لم يعبدوا الأحبار والرهبان؟ قلنا: معناه أنهم أطاعوهم في معصية الله واستحلوا ما أحلّوا وحرّموا ما حرّموا، فاتخذوهم كالأرباب. رُوي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: " أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال لي: " ياعدي اطرحْ هذا الوثن من عنقك " ، فطرحته ثم انتهيت إليه وهو يقرأ: { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } ، حتى فرغ منها، قلت: إنّا لسنا نعبدهم، فقال: " أليس يُحرّمون ما أحلّ الله فتحرمونه ويحلّون ما حرّم الله فتستحلونه "؟ قال: فقلت: بلى، قال: " فتلك عبادتهم ". قال عبد الله بن المبارك:
وهلْ بدّلَ الدينَ إلاّ الملوك   وأحبارُ سَوْءٍ ورهبانُها
{ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ } ، أي: اتخذوه إلهاً، { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَٰحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَـٰنَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }.