الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }

{ قل ان كنتم تحبوت الله فاتبعونى } اثبت فيه الياء لانه اصل ولم يثبت فى فاتقون واطيعون لانه ختم آية ينوى بها الوقف { يحببكم الله } نزلت حين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن الاشرف ومن تابعة الى الايمان فقالوانحن أبناء الله وأحباؤه } المائدة 18. فقال تعالى لنبيه عليه السلام قل لهم انى رسول الله ادعوكم اليه فان كنتم تحبونه فاتبعونى على دينه وامتثلوا امرى يحببكم الله ويرض عنكم. والمحبة ميل النفس الى الشىء لكمال ادركته فيه بحيث يحملها على ما يقربها اليه والعبد اذا علم ان الكمال الحقيقى ليس الا لله وان كل ما يراه كمالا من نفسه او غيره فهو من الله وبالله والى الله لم يكن حبه الا لله وفى الله وذلك يقتضى ارادة طاعته. والرغبة فيما يقربه اليه فلذلك فسرت المحبة بارادة الطاعة وجعلت مستلزمة لاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فى طاعته والحرص على مطاوعته { ويغفر لكم ذنوبكم } اى يكشف الحجب عن قلوبكم بالتجاوز عما فرط منكم فيقربكم من جنات عزه ويبوئكم فى جوار قدسه. عبر عنه بالمحبة بطريق الاستعارة او المشاكلة { والله غفور رحيم } اى لمن كان يتحبب للنصارى ويتبع عيسى ابن مريم فنزل قوله تعالى { قل اطيعوا الله والرسول } اى فى جميع الاوامر والنواهى فيدخل فى ذلك الطاعة فى اتباعه صلى الله عليه وسلم دخولا اوليا { فان تولوا } اما من تمام مقول القول فهى صيغة المضارع المخاطب بحذف احدى التاءين اى تتولوا وتعرضوا واما كلام متفرع مسوق من جهته تعالى فهى صيغة الماضى الغائب وفى ترك ذكر احتمال الا طاعة كما فى قوله تعالىفإن أسلموا } آل عمران 20. تلويح الى لانه غير محتمل عنهم { فانه الله لا يحب الكافرين } نفى المحبة كناية عن بغضه تعالى لهم وسخطه عليهم اى لا يرضى عنهم ولا يثنى عليهم. ودلت الآية على شرف النبى عليه السلام فانه جعل متابعته متابعة حبيبه وقارن طاعته بطاعته فمن ادعى محبة الله وخالف سنة نبيه فهو كذاب بنص كتال الله تعالى كما قيل
تعصى الاله وانت تظهر حبه هذا محال فى الفعال بديع لو كان حبك صادقا لاطعته ان المحب لمن يحب مطيع   
وانما كان من ادعى محبة الله وخالف سنة رسوله كاذبا فى دعواه لان من احب آخر يحب خواصه والمتصلين به من عبيده وغلمانه وبيته وبنيانه ومحله ومكانه وجداره وكلبه وحماره وغير ذلك فهذا هو قانون العشق وقاعدة المحبة والى هذا المعنى اشار المجنون العامرى حيث قال
امر على الديار ديار ليلى اقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبى ولكن حب من سكن الديارا   

السابقالتالي
2 3