الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ }

قوله تعالى: { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ } أي دِلالته وحججه على توحيده. جعل البراهين بمنزلة النور لما فيها من البيان. وقيل: المعنى نور الإسلام أي أن يخمِدوا دين الله بتكذيبهم. { بِأَفْوَاهِهِمْ } جمع فوه على الأصل لأن الأصل في فمٍ فَوْهٌ، مثل حوض وأحواض. { وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ } يقال: كيف دخلت «إلا» وليس في الكلام حرف نفي، ولا يجوز ضربت إلا زيداً. فزعم الفراء أن «إلا» إنما دخلت لأن في الكلام طَرَفاً من الجَحْد. قال الزجاج: الجحد والتحقيق ليسا بذوي أطراف. وأدوات الجحد: ما، ولا، وإنْ، وليس: وهذه لا أطراف لها يُنطق بها، ولو كان الأمر كما أراد لجاز كرهت إلا زيداً ولكن الجواب أن العرب تحذف مع أبى. والتقدير: ويأبى الله كل شيء إلا أن يتم نوره. وقال عليّ بن سليمان: إنما جاز هذا في «أَبَى» لأنها منع أو ٱمتناع، فضارعت النفي. قال النحاس: فهذا حسن كما قال الشاعر:
وهل ليَ أُمٌّ غيرُها إن تركتها   أبى اللَّه إلا أن أكون لها ٱبْنَمَا