الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } * { وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَٱلظُّلَلِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ }

أي: ألم تر من آثار قدرته ورحمته وعنايته بعباده، أن سخّر البحر، تجري فيه الفلك بأمره القدري [ولطفه وإحسانه، { لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ } ففيها الانتفاع والاعتبار]. { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } فهم المنتفعون بالآيات، صبّار على الضراء، شكور على السرّاء، صبّار على طاعة اللّه وعن معصيته وعلى أقداره، شكور للّه على نعمه الدينية والدنيوية. وذكر تعالى حال الناس عند ركوبهم البحر وغشيان الأمواج كالظل فوقهم، أنهم يخلصون الدعاء [للّه] والعبادة: { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ } انقسموا فريقين: فرقة مقتصدة، أي: لم تقم بشكر اللّه على وجه الكمال، بل هم مذنبون ظالمون لأنفسهم. وفرقة كافرة بنعمة اللّه، جاحدة لها، ولهذا قال: { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ } أي غدار، ومن غدره أنه عاهد ربه، لئن أنجيتنا من البحر وشدته، لنكونن من الشاكرين، فغدر، ولم يف بذلك، { كَفُورٍ } بِنَعَمْ اللّه. فهل يليق بمن نجاهم اللّه من هذه الشدة، إلا القيام التام بشكر نِعَم اللّه؟