الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ } * { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } * { فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } * { وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } * { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ إِلاَّ ٱللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ } أي ليسمون كل واحد من الملائكة بنتاً؛ لقولهم: الملائكة بنات الله.

{ وَمَا لَهُم بِهِ } أي: بذلك، أو بقولهم.

وقرأ أبيّ: " بها ".

{ مِنْ عِلْمٍ } أي: بالتسمية أو بالملائكة.

{ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } أي: لا يقوم مقام العلم الموصل إلى إدراك حقيقة الشيء.

قوله تعالى: { فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا } منسوخ عند عامة المفسرين بآية السيف.

{ ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ ٱلْعِلْمِ } قال الزجاج: إنما يعلمون ما يحتاجون إليه في معايشهم، وقد نبذوا أمر الآخرة.

قال الفراء: صَغَّرَ رأيهم وأزرى بهم، يقول: ذلك قدْر عقولهم ونهاية علمهم أن آثروا الدنيا على الآخرة.

{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } وسيجازيهم على ضلالهم واهتدائهم.

وقيل: هو تسكينٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان شديدَ الحرص على إيمانهم.

المعنى: خفض على نفسك، فإن ربك قد فرغ منهم، وعَلِمَ الضال من المهتدي، وليس عليك إلا البلاغ.

قوله تعالى: { لِيَجْزِيَ } متعلق بقوله: { هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ }؛ لأن نتيجة العلم بالضال والمهتدي: جزاؤهما، [وما] بينهما اعتراض. ويجوز أن يكون متعلقاً بقوله: { وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } على معنى: له ما فيهما مُلْكاً وخلْقاً، خَلَقَهم ليجزيهم بالعقوبة والمثوبة. والحسنى: الجنة، و " الكبائر " مذكورة في سورة النساء.

وقرأ حمزة والكسائي: " كبير الإثم ". قيل: هو النوع الكبير منه، وهو الإشراك بالله.

والفواحش: ما فَحُشَ من الكبائر، كأنه قال: ويجتنبون الفواحش منها خاصة. وقد سبق ذكرها فيما مضى.

{ إِلاَّ ٱللَّمَمَ } قال ابن مسعود وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة والشعبي ومسروق وعامة المفسرين: هو صغار الذنوب؛ كالنَّظْرة والقُبْلَة، وما كان دون الزنا.

وإلى هذا نظر وضاح اليمن في قوله:
فما نَوَّلَتْ حتى تَضَرَّعْتُ حولَها    وأقرأتُها ما رخَّص الله في اللمم
ويؤيد هذا المعنى: ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله كتب على ابن آدم حظَّه من الزنا، فزنا العينين: النظر، وزنا اللسان: النطق، والنفس تشتهي وتتمنى، ويصدق ذلك ويكذبه الفرج " فإن تقدم بفرجه كان الزنا، وإلا فهو اللمم. هذا حديث صحيح.

وقال سعيد بن المسيب: هو ما ألمَّ بالقلب، أي: خَطَرَ.

وقال ابن عباس في رواية عطاء: هو الرجل يُلِمُّ بالفاحشة، ثم يتوب.

وروى عمرو بن دينار عن عطاء، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنْ تغفر اللهم تغفرْ جماً، وأيُّ عبدٍ لكَ لا ألمّا " أخرجه الترمذي.

قال الزمخشري: ولا يخلو قوله: " إلا اللمم " من أن يكون استثناء منقطعاً أو صفة، كقوله:

السابقالتالي
2