الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً } * { حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً } * { وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً } * { وَكَأْساً دِهَاقاً } * { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً } * { جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَاباً } * { رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً }

قوله تعالى: { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً } أي: موضع فوز، أو فوزاً وظفراً بإدراك البغية.

قال ابن عباس: مفازاً: متنزهاً.

وقال قتادة: فازوا بأن نجوا من النار بالجنة، ومن العذاب بالرحمة.

ثم فسّر ذلك الفوز فقال: { حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً } قال ابن قتيبة: الحدائق: بساتين النخل، واحدها: حديقة.

وقال غيره: البساتين فيها أنواع الشجر المثمر.

{ وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً } قال ابن عباس: الكواعب: النّواهد.

وقال الضحاك: العذارى.

قال ابن فارس: يقال: كَعَبَتِ المرأة كَعَابَةً، وهي كَاعِبٌ؛ إذا نَتَأ ثَدْيُها.

والأتراب: اللِّدَات. وقد سبق ذلك.

{ وَكَأْساً دِهَاقاً } قال الحسن وقتادة وابن زيد: " دهاقاً ": مملوءة.

وقال سعيد بن جبير: متتابعة، ومنه قول الشاعر:
دُونَكَها مُتْرَعَةً دِهَاقَا   .....................
وعن ابن عباس ومجاهد كالقولين.

قال ابن عباس: سمعتُ أبي في الجاهلية يقول: أسقنا كأساً دهاقاً.

وقال عكرمة: صافية. وعليه أنشدوا:
لأنْتَ إلى الفؤادِ أحبُّ قُوتاً   من الصَّادي إلى كأسٍ [دِهَاقِ]
قوله تعالى: { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا } أي: في الجنة { لَغْواً } باطلاً من الكلام { وَلاَ كِذَّاباً } تكذيباً، أي: لا يكذّب بعضهم بعضاً، على ما هو المتعارف من شاربي خمر الدنيا.

وقرأ الكسائي: " كِذَاباً " بالتخفيف، مصدر: كَذَبَ، كما أن الكتاب مصدر: كَتَبَ، وإنما شُدِّدَ الموضع الأول؛ لقوله: { وَكَذَّبُواْ }.

قوله تعالى: { جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَاباً } قال الزجاج: " جَزَاءً " منصوب بمعنى: { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً } [النبأ: 31]؛ لأن معنى أعطاهم وجازاهم واحد.

قال الزمخشري: و " عَطَاءً " نصب بـ " جزاء " نصب المفعول به. أي: جزاهم عطاءً. و " حساباً " صفة بمعنى: كافياً، من أحْسَبَه الشيء؛ إذا كفاه حتى قال: حسبي. وقيل: على حسب أعمالهم.

قال الكلبي: حاسَبَهُم فأعطاهم بالحسنة عشراً.

قرأ الحرميان وأبو عمرو: { رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } برفع الباء. وقرأ الباقون بالخفض. وقرأ عاصم وابن عامر: بالخفض، ورفعه الباقون.

فمن رفع الاسمين قطع الكلام مما قبله، فـ " ربُّ " مبتدأ و " الرحمن " خبره، ثم استأنف { لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً }.

ومن خفض الاسمين أتبعهما المخفوض قبلهما، وهو قوله: " من ربك " على البدل.

ومن رفع " الرحمن " جعله مبتدأ، والخبر ما بعده، أو على معنى: هو الرحمن.

والضمير في قوله: " لا يملكون ": لأهل السموات والأرض.

قال مقاتل: لا يَقْدِرُ الخلقُ أن يُكلموا الربّ إلا بإذنه.