الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ وَٱلْقَمَرِ } * { وَٱللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ } * { وَٱلصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ } * { إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ } * { نَذِيراً لِّلْبَشَرِ } * { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ }

يعني تعالى ذكره بقوله { كَلاَّ }: ليس القول كما يقول من زعم أنه يكفي أصحابَه المشركين خزنةُ جهنم حتى يجهضهم عنها ثم أقسم ربنا تعالى فقال: { وَالقَمَرِ وَاللَّيْل إذْ أدْبَرَ } يقول: والليل إذ ولَّى ذاهباً. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَاللَّيْل إذْ أدْبَرَ }: إذ ولَّى. وقال آخرون في ذلك ما: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس: { والليل إذْ أدْبَرَ } دبوره: إظلامه. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة { إذْ أدْبَرَ } ، وبعض قرّاء مكة والكوفة: «إذا دَبَرَ». والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. وقد اختلف أهل العلم بكلام العرب في ذلك، فقال بعض الكوفيين: هما لغتان، يقال: دبر النهار وأدبر، ودبر الصيف وأدبر قال: وكذلك قَبل وأقبل فإذا قالوا: أقبل الراكب وأدبر لم يقولوه إلا بالألف. وقال بعض البصريين: «واللَّيْل إذَا دَبَرَ» يعني: إذا دبر النهار وكان في آخره قال: ويقال: دبرني: إذا جاء خلفي، وأدبر: إذا ولَّى. والصواب من القول في ذلك عندي أنهما لغتان بمعنى، وذلك أنه محكيّ عن العرب: قبح الله ما قَبِل منه وما دبر. وأخرى أن أهل التفسير لم يميزوا في تفسيرهم بين القراءتين، وذلك دليل على أنهم فعلوا ذلك كذلك، لأنهما بمعنى واحد. وقوله: { والصُّبْح إذَا أسْفَرَ } يقول تعالى ذكره: والصبح إذا أضاء، كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { والصُّبْح إذَا أسْفَرَ }: إذا أضاء وأقبل. { إنَّها لإَحْدَى الكُبَرِ } يقول تعالى ذكره: إن جهنم لإحدى الكبر، يعني الأمور العظام. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثني عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا وقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { إنَّها لإَحْدَى الكُبَرِ } يعني: جهنم. حدثنا أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين { إنَّها لإَحْدَى الكُبَرِ } قال: جهنم. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: إنَّها لإَحْدَى الكُبَرِ قال: هذه النار. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { إنَّها لإَحْدَى الكُبَرِ } قال: هي النار. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { إنَّها لإَحْدَى الكُبَرِ } يعني: جهنم. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس { إنَّها لإَحْدَى الكُبَرِ }: يعني جهنم.

السابقالتالي
2