الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً }

{ وقرن في بُيُوتكن } اثبتن فيها بمعنى لا تخرجن منها الا لضروة او ما لا بد منه، وأما فيها فلهن التحرك، والأصل اقرون بفتح الراء الاولى مضارع قر، الذى اصله قرر بكسرها، نقلت فتحة الراء الى القاف. فسقطت همزة الوصل لتحرك ما بعدها، قال ابن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان المرأة عورة فاذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من رحمة ربها، وهى فى قعر بيتها " رواه الترمذى.

وعن أنس: جاءت النساء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن: يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد فى سبيل الله تعالى، فهل لنا عمل ندرك به فضل المجاهدين فى سبيل الله تعالى؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " من قعدت منكن فى بيتها فانها تدرك المجاهدين فى سبيل الله تعالى " رواه البزار، وعنه صلى الله عليه وسلم: " خير الرجال من لا يلقى النساء وخيرهن من لا تلقاهم " وظاهر اضافة البيوت لهن انها املاك لهن، ويدل له انها اثبتت لهن بعد موته صلى الله عليه وسلم بلا إرث، والانبياء لا تورث، وان عمر رضى الله عنه استأذن عائشة ان يدفن فى بيتها فأذنت له، ولو كان لبيت المال لم يستأذن ولم تأذن له، ولأنكر الصحابة.

{ ولا تَبرجْن تبرُّج الجاهلية الأولى } الأصل لا تتبرجن حذفت احدى التاءين، اى لا تظهرن محاسنكن من تبختر وتحسين المشية، واللباس الحسن، وجمع الشعر خلف الرأس متكعباً، وظهور القرط والقلادة والعنق، والزينة فى الوجه كالنقط فيه، وامتداد القامة بقصد، والمراد مثل تبرج الجاهلية، والجاهلية نعت لمحذوف تقديره الأزمنة الجاهلية، او الايام الجاهلية، والجاهلية نسب الى الجاهلين بحذف علامة الجمع، او الى الجهلاء بحذف زنة الجمع، اى الازمنة التى اهلها جهلاء، اى تبرج الازمنة الجاهلية، وهى ما بين نوح وادريس عليهما السلام: كل نساء السهل صباحا يتبرحن، ورجاله قباحا عكس اهل الجبل، فشهد نساءهم فى عيد رجل من اهل الجبل: فأخبر قومه، فاختلطوا فظهر الفحش.

وعن الحكم بن عيينة: بين آدم ونوح ثمانمائة سنة، رجالهم حسان ونساؤهم قباح، وكن يراودنهم، وذلك الجاهلية الأولى، وقال الكلبى: ما بين نوح وابراهيم هى الاولى، فعند من اثبت ما قبل فهذه الثانية، وكذا ونقول فيما يأتى، فقد قيل: الاولى زمان نمرود، تلبس ثوبا رقيقا وتبرز فى الطريق، وقيل: زمان ابراهيم، والثانية زمان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبل بعثه، وقيل: زمن داود وسليمان تلبس ثوبا جانباه مفترقان.

وقال المبرد يكون لزوج المرأة نصفها الاسفل، ولخدنها الاعلى، وقيل: ما بين موسى وعيسى، وقيل: ما بين عيسى وسيدنا محمد صلى الله وسلم عليهما، ويجوز ان تكون الاولى ما قبل الاسلام، والثانية اهل الفسق فى الاسلام، وقيل: قوم فى آخر الزمان، وقيل: قد يذكر الاولى وان لم تكن لها اخرى، كأنه قيل: الجاهلية المتقدمة، ولا يلزم من تقدم الشئ وجود مثله بعده.

السابقالتالي
2 3