الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }

القراءة: قرأ أبو جعفر وحده بما حفظ الله بالنصب، والباقون بالرفع، وقرىء في الشواذ فالصوالح قوانت قرأه طلحة بن مُصَرَّف. الحجة: قولـه حفظ الله يكون على حذف المضاف كأنه قال: حفظ عهد الله أو دين الله كقولـه تعالىوإن تنصروا الله } [محمد: 7] أي تنصروا دين الله، وحَذْفُ المضاف كثير في الكلام، والوجه في قراءة من قرأ، فالصَوالح قوانت إن جمع التكسير يدلّ على الكثرة، والألف والتاء موضوعتان للقلة فهما على حدّ التثنية بمنزلة الزيدين من الواحد، فيكون من الثلاث إلى العشرة والكثرة أليق بهذا الموضع، غير أن الألف والتاء قد جاء أيضاً على معنى الكثرة كقولـه: { المسلمين والمسلمات } إلى قولـه:والذاكرين الله كثيراً والذاكرات } [الأحزاب: 35] والغرض في الجميع الكثرة لا ما هو لما بين الثلاثة إلى العشرة. وقال ابن جني: كان أبو علي الفارسي ينكر الحكاية المروية عن النابغة، وقد عرض عليه حسان شعره وأنه لما صار إلى قولـه:
لَنا الجَفَناتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ بِالضُّحى   وأسيافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَما
قال له النابغة: لقد قللت جفانك وسيوفك، وهذا خبر مجهول لا أصل له، لأن الله تعالى يقول:وهم في الغرفات آمنون } [سبأ: 37] ولا يجوز أن يكون الغرف التي في الجنة من الثلاث إلى العشرة. اللغة: يقال رجل قيم وقيَّام وقوّام وهذا البناء للمبالغة والتكثير، وأصل القنوت: دوام الطاعة، ومنه القنوت في الوتر لطول القيام فيه، وأصل النشوز الترفع على الزوج بخلافه مأخوذ من قولـهم فلان على نشز من الأرض أي ارتفاع. يقال: نشزت المرأة تنشز وتنشز والهجر الترك عن قِلّى. يقال: هجرت الرجل: إذا تركت كلامه عن قلى، والهاجرة نصف النهار، لأنه وقت يهجر فيه العمل، وهجر الرجل البعير إذا ربطه بالهجار، وأصل الضجوع الاستلقاء. يقال: ضجع ضجوعاً، واضطجع اضطجاعاً، إذا استلقى للنوم، واضجعته أنا، وكلّ شيء أملته فقد أضجعته، والبغية الطلب. يقال بغيت الضالة إذا طلبتها. وقال الشاعر يصف الموت:
بَغاكَ وما تَبْغِيهِ حَتَّى وَجَدْتَهُ   كَأَنَّكَ قَدْ واعَدْتَهُ أَمْسِ مَوْعِدا
الإعراب: الباء في قولـه بما فضّل الله، وبما أنفقوا يتعلق بقولـه قوَّامون، وما في الموضعين مصدرية لا تحتاج إلى عائد إليها من صلتها، لأنها حرف. وقولـه: بما حفظ الله أيضاً يكون ما فيه مصدرية فيكون تقديره بأن يحفظهن الله، ومن قرأ بما حفظ الله نصباً يكون ما أسماه موصولاً فيكون التقدير بالشيء الذي يحفظ الله أي يحفظ أمر الله. النزول: قال مقاتل: " نزلت الآية في سعد بن الربيع بن عمرو وكان من النقباء وفي امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير وهما من الأنصار وذلك أنها نشزت عليه فلطمها، فانطلق أبوها معها إلى النبي، فقال: أفرشتُه كريمتي، فلطمها. فقال النبي: لتقتص من زوجها فانصرفت مع أبيها لتقتص منه، فقال النبي: " ارجعوا فهذا جبرائيل أتاني وأنزل الله هذه الآية " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أردنا أمراً وأراد الله أمراً والذي أراد الله خير "

السابقالتالي
2 3