{ قَالَ } له موسى: { أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ } أي: بيّن. { قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } أي: حيّة أشعر ذكر، تكاد تسترط فرعون عدو الله؛ غرزت ذنبها في الأرض ورفعت صدرها ورأسها، وأهوت إلى عدوّ الله لتأخذه؛ فجعل يميل ويقول: خذها يا موسى، خذها. فأخذها موسى.
قال: { وَنَزَعَ يَدَهُ } أي: أدخل يده في جيب قميصه، ثم أخرجها فهو قوله: { وَنَزَعَ يَدَهُ } أي: أخرج يده. { فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءَ لِلنَّاظِرِينَ } تعشى البصر من بياضها. قال الحسن: أخرجها والله كأنها مصباح.
{ قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ } فرعون يقوله: { إِنَّ هذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } أي: بالسحر. { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأمُرُونَ }.
فأراد قتله؛ فقال له أصحابه: لا تقتله فإنما هو ساحر، ومتى ما تقتله أدخلت على الناس في أمره شبهة. ولكن { قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ } أي: أخّره وأخاه في تفسير الحسن. وقال بعضهم: احبسه وأخاه. { وَابْعَثْ فِي المَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } أي: يحشرون عليك السَّحَرة { يَأتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ } أي: بالسحر.
قال الله: { فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } وهو قوله:{ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ } [طه: 59] يوم عيد لهم كان يجتمع فيه أهل القرى والناس، فأراد موسى عليه السلام أن يفضحه على رؤوس الناس.
قال: { وَقِيلَ لِلنَّاسِ } أي: قاله بعضهم لبعض: { هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الغَالِبِينَ }.
{ فَلَمَّا جَآءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأجراً } على الاستفهام. { إِنْ كُنَّا نَحْنُ الغَالِبِينَ قَالَ } فرعون: { نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ المُقَرَّبِينَ } أي: في العطية والقربة والمنزلة، في تفسير الحسن، وقال بعضهم: في العطية والفضيلة.
{ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَآ أَنتُم مُّلْقُونَ فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الغَالِبُونَ }.