الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلسَّلْمِ وَأَنتُمُ ٱلأَعْلَوْنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ }

يقول تعالى ذكره: فلا تضعفوا أيها المؤمنون بالله عن جهاد المشركين وتجبُنوا عن قتالهم. كما: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { فَلا تَهِنُوا } قال: لا تضعفوا. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { فَلا تَهِنُوا } لا تضعف أنت. وقوله: { وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وأنْتُمُ الأعْلَوْنَ } يقول: لا تضعفوا عنهم وتدعوهم إلى الصلح والمسالمة، وأنتم القاهرون لهم والعالون عليهم { وَاللَّهُ مَعَكُمْ } يقول: والله معكم بالنصر لكم عليهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، غير أنهم اختلفوا في معنى قوله: { وأنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } فقال بعضهم: معناه: وأنتم أولى بالله منهم. وقال بعضهم: مثل الذي قلنا فيه. ذكر من قال ذلك، وقال معنى قوله: { وأنْتُمُ الأعْلَوْنَ } أنتم أولى بالله منهم. حدثني أحمد بن المقدام، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت أبي يحدّث، عن قتادة، في قوله: { فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ } قال: أي لا تكونوا أولى الطائفتين تصرع. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلَمِ } قال: لا تكونوا أولى الطائفتين صرعت لصاحبتها، ودعتها إلى الموادعة، وأنتم أولى بالله منهم والله معكم. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلَمِ } قال: لا تكونوا أولى الطائفتين صرعت إلى صاحبتها { وأنْتُمُ الأعْلَوْنَ } قال: يقول: وأنتم أولى بالله منهم ذكر من قال معنى قوله: { وأنْتُمُ الأعْلَوْنَ }: أنتم الغالبون الأعزّ منهم. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { وأنْتُمُ الأعْلَوْنَ } قال: الغالبون مثل يوم أُحد، تكون عليهم الدائرة. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله { فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلَمِ وأنُتمُ الأَعْلَوْنَ } قال: هذا منسوخ، قال: نسخه القتال والجهاد، يقول: لا تضعف أنت وتدعوهم أنت إلى السلم وأنت الأعلى، قال: وهذا حين كانت العهود والهدنة فيما بينه وبين المشركين قبل أن يكون القتال، يقول: لا تهن فتضعف، فيرى أنك تدعوه إلى السلم وأنت فوقه، وأعزّ منه { وأنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } أنتم أعزّ منهم، ثم جاء القتال بعد فنسخ هذا أجمع، فأمره بجهادهم والغلظة عليهم. وقد قيل: عنى بقوله: { وأنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } وأنتم الغالبون آخر الأمر، وإن غلبوكم في بعض الأوقات، وقهروكم في بعض الحروب. وقوله: { فَلا تَهِنُوا } جزم بالنهي، وفي قوله { وَتَدْعُوا } وجهان: أحدهما الجزم على العطف على تهنوا، فيكون معنى الكلام: فلا تهنوا ولا تدعوا إلى السلم، والآخر النصب على الصرف.

السابقالتالي
2