الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ }

قوله: { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ }: الآيةُ في إعرابها ستةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّ اسم " أنَّ " الأولى مضافٌ لضميرِ الخطاب حُذِفَ وأقيم المضافُ إليه مُقامَه، والخبرُ قولُه: { إِذَا مِتٌّمْ } و { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } تكريرٌ لـ " أنَّ " الأولى للتأكيدِ والدلالةِ على المحذوفِ والمعنى: أنَّ إخراجَكم إذا مِتُّمْ وكُنْتُم.

الثاني: أنَّ خبرَ " أنَّ " الأولى هو " مُخْرَجُون " ، وهو العامل في " إذا " ، وكُرِّرَتْ الثانيةُ توكيداً لَمَّا طال الفصلُ. وإليه ذهبَ الجرميُّ والمبردُّ والفراءُ.

الثالث: أنَّ { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } مُؤَولٌ بمصدرٍ مرفوع بفعلٍ محذوفٍ، ذلك الفعلُ المحذوفُ هو جوابُ " إذا " الشرطيةِ، وإذا الشرطيةُ وجوابُها المقدَّرُ خبرٌ لـ " أنَّكم " الأولىٰ، تقديرُه: يَحْدُث أنكم مُخْرَجون.

الرابع: ـ كالثالثِ ـ في كونِه مرفوعاً بفعلٍ مقدرٍ، إلاَّ أنَّ هذا الفعلَ المقدَّرَ خبرٌ لـ " أنَّ " الأولى، وهو العاملُ في " إذا ".

الخامس: أنَّ خبر الأولىٰ محذوفٌ لدلالةِ خبرِ الثانيةِ عليه، تقديرُه: أنكم تُبْعَثُون، وهو العاملُ في الظرف، وأنَّ الثانية وما في حَيِّزِها بدلٌ من الأولىٰ، وهذا مذهبُ سيبويه.

السادس: أنَّ { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } مبتدأٌ، وخبرُه الظرفُ مقدَّماً عليه، والجملةُ خبرٌ عن " أنكم " الأولىٰ، والتقديرُ: أيَعِدُكم أنَّكم إخراجُكم كائنٌ أو مستقرٌ وقتَ موتِكم. ولا يجوزُ أَنْ يكونَ العاملُ في " إذا " " مُخْرَجُون " على كلِّ قولٍ؛ لأنَّ ما في حيِّز " أنَّ " لا يعمل فيما قبلها، ولا يعمل فيها " مِتُّم " لأنه مضافٌ إليه، و " أنَّكم " وما في حَيِّزه في محلِّ نصبٍ أو جرّ بعد حَذْفِ الحرفِ، إذ الأصلُ: أيَعِدُكم بأنَّكم. ويجوزُ أَنْ لا يُقَدَّرَ حرفُ جرّ، فيكونُ في محلِّ نصبٍ فقط نحو: وَعَدْتُ زيداً خيراً.