الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقُلْنَا يَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّٰلِمِينَ }

{ يَاآدَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ } اي اُسكن في جوارى من قطيعتى وان تصيبك خطيئة فان في عصيانك في دار العصمة عذر عصَاة اولادكَ من اهل التوحيد في دار المحنة واشتياقك الى نعمتى بعد هجرانك من جوارى وبلوغك بعد فنائك في القدم الى لقائى وايضاً أوصاه بالتمكين عند خداع ابليس ومكره حتى لا يزولَ قدمه عن مقام التمكين بمقالته العين وايضاً اراد الله ان يَعصْيَا فوكلهُما الى انفسهما وعَزَلهما عن القربة بِادْخالِهِما في الجنة لان أدمَ وحوَاء طفلا الزمان لا يستقرانِ فى جبروت الرحمٰن فالجأهما الى أكل ثمار اشجارِ الجنان لافراد القديم عن الحدثان الا ترى الى قوله تعالى { وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا } وقال القاسم السكون في الجنة وحشة من الحق وانه ردّ المخلوق إلى المخلوق وهو رد النقص الى النقص لامتناع الازل عن الحوادث وقال بعضهم ردّهما في السكون الى انفسهما وكلهما اليها فقال { اسُكن انت وزوجك الجنة } وفي رَدِّ المخلوق الى المخلوق اظهار العلل عوزات الطبع { وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ } اخفى الله تعالى في الشجر اسرار الربوبيّة لآدم وحوّاء ومنعهما عن قُربها حتى لا يتشوّش عليهما عيش الانسانية ولكن هَيّجهما بمَنعِهِمَا عن قرب الشجرة الى طلب تناولها فلما قربا الشجرة كسا الشجرة انوار القدس وتجلى الحق سبحانه لهما من الشجرة كما تجلى من شجرة موسى لموسى فعشقا الشجرة ووقعا فيها ونَسيا ذكر النهى عن قربها قال ابن عطاء نهى عن جنس الشجرة فظن آدم ان النهى عن المشار اليه فتَنَاولَ على حَدِّ النسيان وترك المحافظة لاعلى التعمد والمخالفة قال الله تعالى { فَنسِىَ ولم نجد له عَزْماً } { فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّالِمِينَ } اى من المجاورين عن حد العقل الى حدِّ العشق وقال بعضهم معناه انَّه نَهَاهما عن قرب الشجرة وقضى عليهما ما قَضَى عليهما ما قَضَى لنريهما عجزهما وان العصمة هي التي تقومهما لا جهدهما وطاقتهما.