الرئيسية - التفاسير


* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }

يقول الحق جلّ جلاله: { إِن المسلمين والمسلماتِ } أي: الداخلين في الإسلام، المنقادين لأحكام الله قولاً وفعلاً، فالمسلم: هو الداخل في السلم بعد الحرب، المنقاد الذي لا يُعاند، أو: المفوِّض أمره إلى الله، المتوكل عليه، مِن: أسلم وجهه إلى الله، { والمؤمنين والمؤمنات } المصدِّقين بالله ورسوله، وبما يجب أن يصدّق به، { والقانتين والقانتات } المداومين على الطاعة، { والصادقين والصادقات } في النيات، والأقوال، والأفعال، { والصابرين والصابرات } على الطاعات وترك السيئات، { والخاشعين والخاشعات } المتواضعين لله بالقلوب والجوارح، أو: الخائفين: { والمتصدِّقين والمتصدِّقات } فرضاً ونفلاً، { والصائمين والصائمات } فرضاً ونفلاً. وقيل: مَن تصدّق في أسبوع بدرهم فهو من المتصدقين، ومَن صام البيض من كل شهر، فهو من الصائمين، { والحافظين فروجَهم والحافظاتِ } عما لا يحلّ، { والذاكرين الله كثيراً والذاكرات } بقلوبهم وألسنتهم، بالتسبيح، والتهليل، والتكبير، وتلاوة القرآن، وغير ذلك من الأذكار، والاشتغال بالعلم لله، ومطالعة الكتب من الذكر. وحذف " كثيراً " في حق الذاكرات لدلالة ما تقدم عليه. وقال عطاء: مَن فوّض أمره إلى الله فهو داخل في قوله: { إن المسلمين والمسلمات } ، ومَن أقرّ بأن الله ربه، وأن محمداً رسوله، ولم يخالف قلبُه لسانَه، فهو من المؤمنين والمؤمنات، ومَن أطاع الله في الفرض، والرسول في السُنَّة، فهو داخل في قوله: { والصادقين والصادقات } ، ومَن صلّى فلم يعرف مَنْ عن يمينه وعن شماله، فهو داخل في قوله: { والخاشعين والخاشعات } ، ومَن صبر على الطاعة وعن المعصية، وعلى الذرية، فهو من { الصابرين والصابرات } ، ومَن تصدّق في كل أسبوع بدرهم، فهو من المتصدقين والمتصدقات، ومَن صام في كل شهر أيام البيض، الثالث عشر وما بعده، فهو من الصائمين والصائمات، ومَن حفظ فرجه عما لا يحل فهو من الحافظين فروجهم والحافظات، ومَن صلّى الصلوات الخمس بحقوقها فهو من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات. قال ابن عباس: جاء إسرافيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، عدد ما علم، وزنة ما علم، وملءَ ما علم. مَن قالهن كُتبت له ست خصال كتب من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، وكان أفضل ممن ذكره في الليل والنهار، وكان له عرش في الجنة، وتحاتت عنه ذنوبه، كما تحات ورق الشجر اليابس، وينظر الله إليه، ومَن نظر إليه لم يعذبه. وقال مجاهد: لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات حتى يذكر الله قائماً وقاعداً ومضجعاً. هـ. من الثعلبي. وسُئل ابنُ الصلاح عن القَدْر الذي يصير به العبد من الذاكرين الله كثيراً؟ فقال: إذا واظب على الأذكار المأثورة صباحاً ومساءً، وفي الأوقات والأحوال المختلفة، ليلاً ونهاراً، كان من الذاكرين كثيراً.

السابقالتالي
2 3