الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

{ يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله } اى اخشوا عذابه واحذروا معاصيه { وابتغوا } اى اطلبوا لانفسكم { اليه } اى الى ثوابه والزلفى منه { الوسيلة } اى القربة بالاعمال الصالحة قوله تعالى اليه متعلق بالوسيلة قدم عليها للاهتمام وليست بمصدر حتى يمتنع ان يتقدم معمولها عليها بل هى فعيلة بمعنى ما يتوسل به ويتقرب الى الله تعالى من وسل الى كذا تقرب اليه والجمع الوسائل. وقال عطاء الوسيلة افضل درجات الجنة وفى الحديث " سلوا الله لى الوسيلة فانها درجة فى الجنة لا ينالها الا عبد واحد وأرجو من الله ان يكون هو انا ". وفى الحديث " من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذى وعدته حلت له شفاعتى يوم القيامة ". قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة اما الوسيلة فهى اعلى درجة فى جنة عدن وهى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصلت له بدعاء امته فعل ذلك الحق سبحانه لحكمة اخفاها فانا بسببه نلنا السعادة من الله وبه كنا خير امة اخرجت للناس وبه ختم الله بنا الامم كما ختم به النبيين وهو صلى الله عليه وسلم مبشر كما امر ان يقول ولنا وجه خاص الى الله تعالى نناجيه منه ويناجينا وكذا كل مخلوق له وجه خاص الى ربه فامرنا عن امر الله ان ندعو له بالوسيلة حتى ينزل فيها بدعاء امته وهذا من باب الغيرة الالهية انتهى { وجاهدوا فى سبيله } بمحاربة الاعداء الظاهرة والباطنة { لعلكم تفلحون } بالوصول الى الله والفوز بكرامته. والاشارة فى الآية ان الله تعالى جعل الفلاح الحقيقى فى اربعة اشياء. احدها الايمان وهو اصابة رشاشة النور فى بدء الخلقة وبه يخلص العبد من حجب ظلمة الكفر. وثانيها التقوى وهو منشأ الاخلاق المرضية ومنبع الاعمال الشرعية وبه يخلص العبد من ظلمة المعاصى. وثالثها ابتغاء الوسيلة وهو فناء الناسوتية فى بقاء اللاهوتية وبه يتخلص العبد من ظلمة اوصاف الوجود. ورابعها الجهاد فى سبيل الله وهو اضمحلال الانانية فى اثبات الهوية وبه يتخلص العبد من ظلمة الوجود ويظفر بنور الشهود فالمعنى الحقيقى { يا ايها الذين آمنوا } باصابة النور { اتقوا الله } بتبديل الاخلاق الذميمة { وابتغوا اليه الوسيلة } فى افناء الاوصاف { وجاهدوا فى سبيله } ببذل الوجود { لعلكم تفلحون } بنيل المقصود من المعبود كذا فى التأويلات النجمية. واعلم ان الآية الكريمة صرحت بالامر بابتغاء الوسيلة ولا بد منها البتة فان الوصول الى الله تعالى لا يحصل الا بالوسيلة وهى علماء الحقيقة ومشايخ الطريقة قال الحافظ
قطع اين مرحله بى همرهىء خضر مكن ظلماتست بترس از خطر كمراهى   

السابقالتالي
2