الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }

قوله تعالى: { إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً } قال الزجاج: أعلم الله عز وجل أن عدة شهور المسلمين التي تُعُبِّدُوا بأن يجعلوها لسَنَتِهم اثنا عشر شهراً على منازل القمر، واستهلال الأهلة.

{ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } وهو اللوح المحفوظ.

قال ابن عباس: هو الإمام، الذي عند الله كتبه.

{ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } وقد ذكرناها عند قوله:فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ } [التوبة: 5].

{ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ } قال ابن عباس: القضاء المستقيم.

وقال ابن قتيبة: ذلك الحساب الصحيح والعدد المستوي.

{ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ } أي: في الأشهر الحرم { أَنْفُسَكُمْ }.

قال قتادة: الظلم في الأشهر الحرم أعظم وزراً من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً.

وقال ابن إسحاق: المراد بالظلم فيهن: فعل الشيء، وهو تحليل شهرٍ محرّم وتحريم شهرٍ محلّل.

وقال مقاتل: المعنى: لا تظلموا أحداً بالقتال في الشهر الحرام إلا أن يبدؤوكم بالقتل.

وقد ذكرنا في البقرة أن تحريم بداية مشركي العرب بالقتال في الشهر الحرام منسوخ عند أكثر العلماء.

وقيل: المعنى: لا تظلموا فيهن أنفسكم بترك قتال الكفار.

وقد روي عن ابن عباس: أن الضمير في قوله: { فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ } يعود إلى قوله: { ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً }.

والأول اختيار أكثر اللغويين والمفسرين.

وقال ابن الأنباري: العرب تعد الهاء والنون على القليل من العدد، والهاء والألف على الكثير منه، والقلة: ما بين الثلاثة إلى العشرة، والكثرة ما جاوز العشرة. يقولون: وجهت إليك أكبشاً فاذبحهن، وكباشاً فاذبحها، فلذلك قال: { مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } ، وقال: { فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } لأنه يعني بقوله: " فيهن ": الأربعة الأشهر.

ومن قال أن الضمير في " فيهن " يعود إلى قوله: " اثنا عشر " فإنه ممكن؛ لأن العرب ربما جعلت علامة القليل للكثير، وعلامة الكثير للقليل.

قوله تعالى: { وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً } يعني: جميعاً، ونصبه على الحال من الفاعل، أو المفعول. والأول أظهر.

ثم ضمن لهم النصر بشرط التقوى فقال: { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }.