قال نوح: { وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللهِ } أي: خزائن علم الله. { وَلاَ أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ } من الملائكة { وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ } من المؤمنين { لَن يُّؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً } قال بعضهم: إيماناً، وقال الحسن: { لَن يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً } أي: في العاقبة.
{ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ } أي: إنه سيؤتيهم بذلك خيراً إن كانت قلوبهم صادقة. { إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ }.
{ قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا } أي: ماريتنا، { فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا } أي: مِرَاءَنا.
{ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } من عذاب الله { إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ }.
{ قَالَ }: ليس ذلك إليّ، وهذا إضمار. { إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللهُ إِن شَاءَ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } أي: بالذين تعجزون الله فتسبقونه حتى لا يقدر عليكم فيعذبكم.
{ وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ } أي: أن يهلككم. مثل قوله تعالى:{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ } [إبراهيم:4] بعد البيان. قال الله: { هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }.
{ أَمْ يَقُولُونَ } يعني مشركي العرب { افْتَرَاهُ } أي: إن محمداً افترى القرآن، على الاستفهام، أي: قد قالوا. { قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ } من قبل الجرم. يقول: فعليّ عملي وأنا بريء مما تعملون. وهو كقوله{ قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } [سبأ:50].
قال: { وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ ءَامَنَ } قال: بعضهم: ذلك حين دعا نوح عليهم السلام فقال:{ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الكَافِرِينَ دَيَّاراً } [نوح:26] { فَلاَ تَبْتَئِسْ } أي: لا تحزن عليهم { بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } قال بعضهم: لا تأسَ ولا تحزن.