الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }

عطف على جملةقالوا يا نوح قد جادلتنا } هود 32 أي بعد ذلك أوحي إلى نوح ـ عليه السّلام ـ { أنّه لن يؤمن من قومك إلاّ من قد آمن }. واسم أن ضمير الشأن دال على أن الجملة بعده أمرهم خطير لأنها تأييس له من إيمان بقية قومه كما دل حرف { لن } المفيد تأبيد النفي في المستقبل، وذلك شديد عليه ولذلك عقب بتسليته بجملة { فلا تبتئس بما كانوا يفعلون } فالفاء لتفريع التسلية على الخبر المحزن. والابتئاس افتعال من البؤس وهو الهم والحزن، أي لا تحزن. ومعنى الافتعال هنا التأثر بالبؤس الذي أحدثه الخبر المذكور. { بما كانوا يفعلون } هو إصرارهم على الكفر واعتراضهم عن النظر في الدعوة إلى وقت أن أوحي إليه هذا. قال الله تعالى حكاية عنهفلم يزدهم دعائي إلاّ فِراراً وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً } نوح 6، 7. وتأكيد الفعل بـ { قَد } في قوله { من قَد آمن } للتنصيص على أن المراد من حصل منهم الإيمان يقيناً دون الذين ترددوا.