الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً }

قوله: { رَّبِّ ٱلسَّمَاوَاتِ }: قرأ نافع وابن كثير وأبو عمروٍ برفع " ربُّ السماواتِ " و " الرحمنُ ". وابن عامر وعاصم بخفضِها، والأخَوان بخفض الأولِ ورَفْعِ الثاني. فأمَّا رَفْعُهما فيجوزُ مِنْ أوجهٍ، أحدها: أَنْ يكونَ " ربُّ " خبرَ مبتدأ مضمرٍ، أي: هو ربُّ. و " الرحمنُ " كذلك، أو مبتدأٌ خبرُه " لا يَمْلِكون ". الثاني: أَنْ يُجْعَلَ " ربُّ " مبتدأً، و " الرحمنُ " خبرُه، و " لا يَمْلِكون " خبرٌ ثانٍ، أو مستأنفٌ. الثالث: أَنْ يكونَ " ربُّ " مبتدأً أيضاً و " الرحمنُ " نعتُه، و " لا يَمْلِكون " خبرُ " رَبُّ ". الرابع: أنْ يكونَ " رَبُّ " مبتدأ، و " الرحمنُ " مبتدأٌ ثانٍ، و " لا يَمْلِكون " خبرُه، والجملةُ خبرُ الأولِ. وحَصَلَ الرَّبْطُ بتكريرِ المبتدأ بمعناه، وهو رأيُ الأخفش. ويجوزُ أَنْ يكونَ " لا يَمْلكون " حالاً، وتكونُ لازمةً.

وأمَّا جَرُّهما فعلى البدل، أو البيانِ، أو النعتِ، كلاهما للأول، إلاَّ أنَّ تكريرَ البدلِ فيه نظرٌ، وقد نَبَّهْتُ على ذلك في أواخر هذا الموضوع، آخرِ الفاتحةِ، أو يُجْعَلُ " ربِّ السماواتِ " تابعاً للأولِ، و " الرحمن " تابعاً للثاني على ما تقدَّم. وأمَّا جَرُّ الأولِ فعلى التبعيَّةِ للأولِ، ورفعُ الثاني فعلى الابتداءِ، والخبرُ الجملةُ الفعليةُ، أو على أنه خبرُ مبتدأ مضمرٍ، و " لا يَمْلِكون " على ما تقدَّم من الاستئنافِ، أو الخبرِ الثاني، أو الحالِ اللازمةِ.