الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }

{ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ } صفة او بدل من، من كان مختالاً او عطف بيان لواحد منهما او خبر مبتدءٍ محذوفٍ او مبتدء خبرٍ محذوفٍ، او مفعول فعل محذوف.

تحقيق معنى البخل والتقتير والتّبذير

والبخل سجيّة تمنع الانسان من اخراج ما تحت يده ورفع يده عنه سواء كان من الحقوق الآلهيّة كالزّكوة والخمس او الخلقيّة كالنّفقات الواجبة والدّيون الحالّة المفروضة كما ذكر او مسنونة كالزّكوة وسائر الصّدقات المستحبّة والصّنائع المعروفة وكالانفاقات المستحبّة لنفسه وعياله واقاربه وجيرانه، ولذلك ورد عن رسول الله (ص) " ليس البخيل من ادّى الزّكوة المفروضة من ماله واعطى البائنة فى قومه انّما البخيل حقّ البخيل من لم يؤدّ الزّكوة المفروضة من ماله ولم يعط البائنة فى قومه وهو يبذّر فيما سوى ذلك " ، وانّما سمّى المال المنفق بالبائنة لانّه كلّما ينسب الى الانسان حتّى وجوده من شأنه البينونة والمفارقه عنه الاّ وجه الله الباقى فانّه ان كان من اعراض الدّنيا فهو بائن فى نفسه وتبين وتنقطع نسبته ايضاً عن الانسان بالموت او بالانتقالات الشّرعية او بصروف الدّهر، وان كان من قبيل القوى والجوارح والاعراض والجاه فهو ايضاً يبين عن الانسان بالموت الاختيارىّ او الاضطرارىّ او بالحوادث الطّارئة.
فان تكن الاموال للتّرك جمعها   فما بال متروك به المرء يبخل
اعلم انّ السخاء فريضة متوسّطة بين طرفى الافراط والتّفريط اللّذين هما التّبذير والتّقتير، وللتّقتير مراتب عديدة بعضها يسمّى بخلاً وهو امساك ما فى يد الانسان وعدم قدرته على صرفه فى الوجوه المفروضة والمندوبة والمباحة، وبعضها يسمّى شحّاً وهو امساك ما فى يده وتمنّى ان يكون ما فى يد غيره فى يده كما ورد عن الصّادق (ع): انّ البخيل بخيل بما فى يده والشّحيح يشحّ بما فى أيدى النّاس، وعلى ما فى يديه حتّى لا يرى فى ايدى النّاس شيئاً الا تمنّى ان يكون له بالحلّ والحرام ولا يقنع بما رزقه الله، وللتّبذير ايضاً مراتب ولمّا كان الظّاهر من الانسان من افعاله واقواله واخلاقه واحواله من المتشابهات الّتى لا يعلم تأويلها الاّ الله والرّاسخون فى العلم كان التمييز بين السّخاء والتّبذير والتّقتير وبين مراتبها بحسب المعرفة وتشخيص جزئيّاتها الصّادرة عن الانسان فى غاية الخفاء حتّى على نفس الفاعل وان كانت بحسب العلم وكلّيّاتها جليّة قد فصّلها علماء الاخلاق وبيّنوها بمرابتها فانّ الانفاق بحسب قصد المنفق والغاية المترتّبة عليه والوجه المصروف فيه والشّخص الموصول اليه يختلف حاله واسمه؛ فربّ امساكٍ كان خيراً من الانفاق الحسن وربّ انفاقٍ كان وبالاً على المنفق، ونعم ما قال المولوىّ قدّس سرّه:
منفق وممسك محل بين به بود   جون محل باشد مؤثّر ميشود
اي بسا امساك كز انفاق به   مال حقّ را جز بامر حقّ مده
مال راكز بهر حق باشى حمول   نعم مال صالح كفت آن رسول

السابقالتالي
2