الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ ٱلرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً }

{ وَعَاداً } عطف علىقَوْمَ نُوحٍ } [الفرقان: 37] أي ودمرنا عاداً أو واذكر عاداً على ما قيل، ولا يصح أن يكون عطفاً إذا نصب على الاشتغال لأنهم لم يغرقوا. وقال أبو إسحاق هو معطوف على ـ هم ـ منوَجَعَلْنَـٰهُمْ لِلنَّاسِ ءايَةً } [الفرقان: 37] ويجوز أن يكون معطوفاً على محلٱلْظَّـٰلِمِينَ } [الفرقان: 37] فإن الكلام بتأويل وعدنا الظالمين اهـ ولا يخفى بعد الوجهين { وَثَمُودَاْ } الكلام فيه وفيما بعده كما فيما قبله. وقرأ عبد الله وعمرو بن ميمون والحسن وعيسى { وَثَمُود } غير مصروف على تأويل القبيلة، وروي ذلك عن حمزة وعاصم والجمهور بالصرف، ورواه عبد بن حميد عن عاصم على اعتبار الحي أو أنهم سموا بالأب الأكبر.

{ وَأَصْحَـٰبُ ٱلرَّسّ } عن ابن عباس هم قوم ثمود، ويبعده العطف لأنه يقتضي التغاير، وقال قتادة: هم أهل قرية من اليمامة يقال لها الرس والفلج قيل قتلوا نبيهم فهلكوا وهم بقية ثمود وقوم صالح، وقال كعب ومقاتل والسدي: أهل بئر يقال له الرس بأنطاكية الشام قتلوا فيها صاحب يس وهو حبيب النجار. وقيل: هم قوم قتلوا نبيهم ورسوه في بئر أي دسوه فيه، وقال وهب والكلبـي: أصحاب الرس وأصحاب الأيكة قومان أرسل إليهما شعيب، وكان أصحاب الرس قوماً من عبدة الأصنام وأصحاب آبار ومواش فدعاهم / إلى الإسلام فتمادوا في طغيانهم وفي إيذائه عليه السلام فبينما هم حول الرس وهي البئر غير المطوية كما روي عن أبـي عبيدة انهارت بهم وبدارهم، وقال علي كرم الله تعالى وجهه فيما نقله الثعلبـي: هم قوم عبدوا شجرة يقال لها: شاه درخت رسوا نبيهم في بئر حفروه له في حديث طويل، وقيل: هم أصحاب النبـي حنظلة بن صفوان كانوا مبتلين بالعنقاء وهي أعظم ما يكون من الطير وكان فيها من كل لون وسميت عنقاء لطول عنقها وكانت تسكن جبلهم الذي يقال له فتح وتنقض على صبيانهم فتخطفهم إن أعوزها الصيد ولإتيانها بهذا الأمر الغريب سميت مغرباً، وقيل: لأنها اختطفت عروساً، وقيل: لغروبها أي غيبتها، وقيل: لأن وكرها كان عند مغرب الشمس، ويقال فيها عنقاء مغرب بالتوصيف والإضافة مع ضم الميم وفتحها فدعا عليها حنظلة فأصابتها الصاعقة فهلكت ثم أنهم قتلوا حنظلة فأهلكوا، وقيل: هم قوم أرسل إليهم نبـي فأكلوة، وقيل: قوم نساؤهم سواحق وقيل: قوم بعث إليهم أنبياء فقتلوهم ورسوا عظامهم في بئر، وقيل: هم أصحاب الأخدود والرس هو الأخدود. وفي رواية عن ابن عباس أنه بئر أذربيجان. وقيل: الرس ما بين نجران إلى اليمن إلى حضرموت. وقيل: هو ماء ونخل لبني أسد. وقيل: نهر من بلاد المشرق بعث الله تعالى إلى أصحابه نبياً من أولاد يهوذا بن يعقوب فكذبوه فلبث فيهم زماناً فشكا إلى الله تعالى منهم فحفروا له بئراً وأرسلوه فيه وقالوا: نرجو أن ترضى عنا آلهتنا فكانوا عليه يومهم يسمعون أنين نبيهم فدعا بتعجيل قبض روحه فمات وأظلتهم سحابة سوداء أذابتهم كما يذوب الرصاص.

السابقالتالي
2