الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً }

{ يَوْمَ } يتعلق بيملك قبله أو بيتكلم بعده. { يَقُومُ الرُّوحُ } نوع من الملائكة أشرف من سائرهم عند الله عز وجل حفظة عليهم، وعن ابن عباس مرفوعا جند ليسوا ملائكة يأكلون ويشربون لهم أيد وأرجل ورءوس، وعن ابن مسعود الروح ملك أعظم من السماوات والأَرض والجبال وهو فى السماء الرابعة يسبح الله تعالى كل يوم اثنى عشر ألف تسبيحة يخلق الله تعالى من كل تسبيحة ملكاً وذلك الملك الأَعظم يكون صفاً وحده ومعنى كونه فى السماء مع أنه بتلك العظمة أنه فيها منبسط إِلى فوق وخارج عنها أو ينطوى، وعن ابن عباس موقوفاً الروح جند لا ينزل ملك من السماء إِلا معه واحد منهم على صورة بنى آدم يقومون صفا والملائكة صفا وقيل سماطان سماط منهم وسماط من سائر الملائكة وقيل ملك ما خلق الله ملكاً أعظم منه إِلا العرش يقوم صفاً والملائكة صفاً فوه يسع الملائكة أو ملك يولج الأَرواح فى الأَجساد بنفسه وذلك بإِذن الله عز وجل، وعن ابن عباس جبريل يقوم يوم القيامة ترتعد فرائصه من عذاب الله تعالى يقول سبحانك لا إِله إِلا أنت ما عبدناك حق عبادتك، وقيل ملك بين منكبيه ما بين المشرق والمغرب أما سمعت قول الله عز وجل: يقوم الروح والملائكة صفا، وقال البيهقى أرواح الناس تقوم مع الملائكة بين النفختين ولا صحة له وهو مناف للآية، وقيل القرآن وقيامه ظهور أثره عن تصديقه وتكذيبه. { وَالْمَلائِكَةُ } عموم بعد تخصيص إِذا فسر الروح بملك أو ملائكة يذكر الخاص تشريفا قبل العام كما يذكر بعده. { صَفًّا } حال من الروح والملائكة أى مصطفين فهوحال ولا يلزم من كونهم مصطفين كونهم صفاً واحداً بل هو قابل لتعدد الصفوف كما أفصح به قول الله عز وجلوالملك صفاً صفاً } [الفجر: 22] فالملائكة صفوف متعددة والروح صف { لاَّ يَتَكَلَّمُونَ } أى أهل السماوات والأَرض ومنهم الروح أو الروح والملائكة قال ابن عباس أو الناس. { إِلاَّ مَنْ أذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ } فى الكلام أن يتكلم. { وَقَالَ } بعد الإِذن. { صَوَاباً } حقاً من الشفاعة لمن ارتضى أى لمن قبله الله عز وجل وإِذا لم تملك الملائكة وأشرافهم القول إِلا بالإِذن مع الصواب فكيف يملكه غيرهم والملائكة من حيث إِنهم لا ذنب لهم ومن حيث إِنهم يأتون بالوحى ويتلقونه من اللوح المحفوظ ويتلون الأُمور الإِلهية ولا يفترون عن العبادة أفضل من البشر المؤمنين والبشر المؤمنون أفضل لتعبهم فى العبادة وترك الشهوات والصبر على المصائب وهذا الجانب أفضل وكثير ممن ليس وزيرا للملك ولا يباشر أحواله أفضل من وزرائه ومباشر أحواله وترى خدماً أخساء لهم ادلال عليه والدخول على حرمه ولا يجد ذلك من هو أعز منهم كما روى أن عابداً رأى رجلاً يدخل على أهل السلطان فسأَل عنه فقالوا خصى فقال سبحان من وعظنى فيه بترك الشهوات ونيل المراد بتركها وإِذا كان الأَمر هكذا فكيف يملك المشرك أو كل من أراد منه خطابا وقد قيل وقال صوابا فى الدنيا وهو كلمة الشهادة مع توابعها وقيل من أذن له الرحمن فى شأَنه أن يتكلم عليه غيره والواضح ما مر وقال عطف على أذن وتجوز الحالية أى وقد قال صواباً فى الدنيا وأظهر لفظ الرحمن للإِيضاح وأن مناط الإِذن الرحمة البالغة إِذ لا يستحقه أحد.