الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ }

{ وان ليس للانسان الا ماسعى } ان مخففة من الثقيلة كأختها معطوفة عليها وللانسان خبر ليس والا ماسعى اسمها مصدرية ويجوز أن تكون موصولة والسعى المشى الذريع وهو دون العدو ويستعمل للجد فى الامر خيرا كان او شرا والمعنى وانه اى الشأن ليس للانسان فى الآخرة الا سعيه فى الدنيا من العمل والنية اى كما لايؤآخذ احد بذنب الغير لايثاب بفعله فهو بيان لعدم انتفاع الانسان بعمل غيره من حيث جلب النفع أثر بيان عدم انتفاعه من حيث دفع الضرر عنه وظاهر الآية يدل على انه لاينفع احدا عمل احد واختلفوا فى تأويلها فروى عن ابن عباس رضى الله عنهما عدم اثابة الانسان بسعى غيره وفعله وهذا منسوخ الحكم فى هذه الشريعة بقوله تعالىالحقنا بهم ذريتهم } فيدخل الابناء الجنة بصلاح الآباء ويجعل الولد الطفل يوم القيامة فى ميزان ابيه ويشفع الله الآباء فى الابناء والابناء فى الآباء يدل على ذلك قوله تعالىآباؤكم وابناؤكم لا تدرون أيهم اقرب لكم نفعا } قال عكرمة كان ذلك لقوم ابراهيم وموسى واما هذه الامة فلهم ماسعوا و ما سعى لهم غيرهم لما روى ان امرأة رفعت صبيا لها من محفة وقالت يارسول الله ألهذا حج قال " نعم ولك اجر " وقال رجل للنبى عليه السلام ان امى افتلتت نفسها اى ماتت فجأة فهل لها أجر ان تصدقت عنها قال نعم وقال الربيع بن انس وان ليس للانسان الا ماسعى يعنى الكافر واما المؤمن فعله ماسعى وماسعى له غيره وكثير من الاحاديث يدل على هذا القول ويشهد له ان المؤمن يصل اليه ثواب العمل الصالح من غيره روى ان عائشة رضى الله عنها اعتكفت عن اخيها عبدالرحمن رضى الله عنه بعد موته واعتقت عنه وقال سعد للنبى عليه السلام ان امى توفيت أفأ تصدق عنها قال نعم قال فأى الصدقة أفضل قال سقى الماء فحفر بئرا وجعلها فى سبيل الله وقال القرطبى فى تذكرته ويحتمل أن يكون قوله { وان ليس للانسان الا ماسعى } خالصا فى السيئة بدليل قوله عليه السلام " قال الله اذا هم عبدى بحسنة ولم يعملها كتبتها عشرا الى سبعمائة ضعف واذا هم بسيئة ولم يعملها لم اكتبها عليه فان عملها كتبتها سيئة واحدة " والقرءآن دال على هذا قال تعالىمن جاء بالحسنة فله عشر امثالها } وهذا ونحوه تفضل من الله وطريق العدل وان ليس للانسان الا ماسعى الا ان الله يتفضل عليه بما لم يجب له كما ان زيادة الاضعاف فضل منه كتب لهم بالحسنة الواحدة عشرا الى سبعمائة ضعف الى الف الف حسنة وقد تفضل الله على الاطفال بادخالهم الجنة بغير عمل والحاصل ما كان من السعى فمن طريق العدل والمجازاة وما كان من غير السعى فمن طريق الفضل والتضعيف فكرامة الله تعالى اوسع واعظم من ذلك فانه يضاعف الحسنات ويتجاوز عن السيئات فمرتبة النفس الطعبية وكذا الشريعة والطريقة من الطريق الاولى ومرتبة الروح والسر وكذا المعرفة والحقيقة من الطريقة الثانية قال فى الاسئلة المقحمة اشارت الآية الى اصل النجاة المعهودة فى حكم الشريعة فان النجاة الاصلية الموعودة فى الكتاب والسنة بالعمل الصالح وفى النجاة بشرط المجازاة والمكافاة فاما التى هى من غير طريق المجازاة والمكافاة فهى بطريق تفضل الله وبطوله وعميم رحمته وكريم لطفه وقد فسرها رسول الله عليه السلام حيث قال

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7