الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ }

في الصحاح: «حِجارة مِن سِجيلٍ» قالوا: حجارة من طين، طبخت بنار جهنم، مكتوب فيها أسماء القوم لقوله تعالى:لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ * مُّسَوَّمَةً } [الذاريات: 33 ـ 34]. وقال عبد الرحمن بن أبزى: «مِن سِجيلٍ»: من السماء، وهي الحجارة التي نزلت على قوم لوط. وقيل من الجحيم. وهي «سِجِّين» ثم أبدلت اللام نوناً كما قالوا في أُصَيْلان أُصيلال. قال ابن مقبِل:
ضَرْباً تَواصَتْ به الأبطالُ سِجِّينا   
وإنما هو: سِجيلاً. وقال الزجاج: { مِّن سِجِّيلٍ } أي مما كُتب عليهم أن يُعَذّبوا به مشتق من السجل. وقد مضى القول في سِجّيل في «هود» مستوفى. قال عِكرمة: كانت ترميهم بحجارة معها، فإذا أصاب أحدَهم حجر منها خرج به الجُدَرِيّ لم يُر قبلَ ذلك اليوم. وكان الحجر كالحِمصَّة وفوق العدسة. وقال ابن عباس: كان الحجر إذا وقع على أحدهم نَفِط جلده، فكان ذلك أوّل الجُدرِيّ. وقراءة العامة { تَرْمِيهِم } بالتاء، لتأنيث جماعة الطير. وقرأ الأعرج وطلحة «يَرْمِيهم» بالياء أي يرميهم الله دليله قوله تعالى:وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } [الأنفال: 17] ويجوز أن يكون راجعاً إلى الطير، لخلوّها من علامات التأنيث، ولأن تأنيثها غير حقيقيّ.