الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }

قوله تعالى: { خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ } لما ذكر الدليل على توحيده ذكر بعده الإنسان ومناكدته وتعدّي طوره. «والإنسان» اسم للجنس. وروي أن المراد به أُبَيّ بن خلف الجُمَحيّ، جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم بعظم رَميم فقال: أترى يحيـي الله هذا بعد ما قد رَمّ. وفي هذا أيضاً نزلأَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّبِينٌ } [يۤس: 77] أي خلق الإنسان من ماء يخرج من بين الصلب والترائب، فنقله أطواراً إلى أن ولد ونشأ بحيث يخاصِم في الأمور. فمعنى الكلام التعجيب من الإنسانوَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ } [يۤس: 78] وقوله: { فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ } أي مخاصِم، كالنسيب بمعنى المناسب. أي يخاصم اللَّهَ عز وجل في قدرته. و { مُّبِينٌ } أي ظاهر الخصومة. وقيل: يبيّن عن نفسه الخصومة بالباطل. والمبين: هو المفصح عما في ضميره بمنطقه.