قوله تعالى: { إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ }: يجوز أن يكونَ حالاً، أي: إلاَّ متكلِّماً بلغةِ قومِهِ. وقرا العامَّةُ " بلسان " بزِنَةِ " كِتاب " ، أي: بلغةِ قومِه. وأبو الجوزاء وأبو السَّمَّال وأبو عمران الجوني:بِلِسْنِ " بكسر اللام وسكون السين. وفيه قولان، أحدُهما: أنهما بمعنى واحدٍ كالرِّيش والرِّياش. والثاني: أن اللسانَ يُطْلَقُ على العضوِ المعروف وعلى اللغةِ، وأمَّا اللِّسْنُ فخاصٌّ باللغة، ذكره ابن عطية وصاحب " اللوامح ". وأبو رجاء وأبو المتوكل والجحدريُّ " بِلُسُن " بضمِّ اللام والسين وهو جمع " لِسان " ككِتاب وكُتُب. وقرئ بسكونِ السين فقط، وهو تخفيفٌ للقراءةِ قبلَه، نحو: رُسُل في رُسُل، وكُتْب في كُتُب. والهاءُ في " قومه " الظاهرُ عَوْدُها على " رسول " المذكور. وعن الضحاك: أنها تعودُ لمحمد صلَّى الله عليه وسلم، وغَلَّطوه في ذلك؛ إذ يصير المعنى: أنَّ التوراةَ وغيرَها أُنْزِلَتْ بلسان العربِ، ليُبَيِّن لهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم التوراة. قوله: { فَيُضِلُّ } استئنافُ إخبارٍ، ولا يجوز نصبُه عطفاً على ما قبله، لأنَّ المعطوفَ كالمعطوف عليه في المعنى، والرسلُ اُرْسِلَتْ للبيانِ لا للإِضلالِ. قال الزجاج: لو قَرِئ بنصبِه على أنًّ اللامَ لامُ العاقبة جاز ".