قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَٱلتَّٰلِيَٰتِ ذِكْراً }؛ يعني جبريلَ والملائكةَ يَتْلُونَ كتابَ اللهِ وذكره، وقولهُ تعالى: { إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ }؛ جوابُ القسمِ، وإنما وقعَ القسَمُ بهذه الملائكةِ؛ لأن في تعظيمِها تَعظِيماً للهِ، وَقِيْلَ: هذا أقسمَ باللهِ تعالى على تقديرِ: ورب الصافَّات، إلاَّ أنه حُذفَ لما يقتضِي من التعظيمِ، وكذلك{ وَٱلذَّارِيَاتِ } [الذاريات: 1]{ وَٱلطُّورِ } [الطور: 1]{ وَٱلنَّجْمِ } [النجم: 1] وغيرِ ذلكَ.
وقد تضمَّنت الآيةُ تشريفَ الملائكةِ وتعظيمَ الاصطفافِ في الصَّلاة، وفي الحديثِ: " إنَّهُمْ يَصْطَفُّونَ فِي صَلاَتِهِمْ فِي السَّمَاءِ وَيُسَبحُونَ اللهَ تَعَالَى وَيَذْكُرُونَهُ، وَيَرْفَعُونَ أصْوَاتَهُمْ بقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلاَةِ كَمَا يَصْطَفُّ النَّاسُ فِي صَلاَتِهِمْ " قال مقاتلُ: (وَذَلِكَ أنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالُواْ: أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهاً وَاحِداً، فَأَقْسَمَ اللهُ بهَؤُلاَءِ أنَّ إلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ لَيْسَ لَهُ شَرِيْكٌ).