الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ }

{ قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ } ، أي: لعن، و " الأخدود ": الشق المستطيل في الأرض كالنهر، وجمعه: أخاديد واختلفوا فيهم: أخبرنا أبو حامد أحمد بن عبد الله الصالحي أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الله بن سعدان الخطيب أخبرني أبو أحمد محمد بن أحمد بن محمد بن قريش بن نوح بن رستم حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي حدثنا هُدْبَة بن خالد حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر، فبعث إليه غلاماً وكان في طريقه إذا سلك إليه راهب، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، وكان إذا أتى الساحر مرّ بالراهب، وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه، وإذا رجع من عند الساحر قعد إلى الراهب وسمع كلامه فإذا أتى أهله ضربوه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا جئت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا جئت أهلك فقل: حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذْ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس، فقال: اليوم أعلم الراهبُ أفضل أم الساحر؟ فأخذ حجراً ثم قال اللهم: إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها فمضى الناس، فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب: أيْ بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلى فإن ابتليت فاصبر فلا تدلَّ عليّ فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس للملك وكان قد عمي، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما هنا لك أجمع إن أنت شفيتني، قال: إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله، فإن آمنت بالله دعوت الله لك فشفاك، فآمن بالله فشفاه الله، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ قال: ربي عزّ وجلّ، قال: أَوَلَكَ ربٌّ غيري؟ قال: ربي وربك الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ به الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل، قال: إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الراهب، فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقَّه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بجليس الملك فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه، فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فسقطوا، فجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور إلى لجة بحر كذا فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه في البحر فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فانكفأت بهم السفينة فغرقوا فجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله، فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس وقل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهماً من كنانته ثم وضع السهم في كبد قوسه، ثم قال: بسم الله رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده على صدغه في موضع السهم، فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام ثلاثاً فأتي الملك، فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرُك، قد آمن الناسُ، فأمر بالأخدود بأفواه السكك، فخدت وأضرم بها النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها أو قيل له اقتحم، قال: ففعلوا حتى جاءت امرأة معها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أماه اصبري فإنك على الحق ".

السابقالتالي
2 3 4