الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلضُّحَىٰ } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } * { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } * { وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ } * { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } * { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ } * { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ } * { وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ }

{ وَٱلضُّحَىٰ } قال المفسّرون: " سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين وأصحاب الكهف وعن الروح، فقال: سأخبركم غداً ولم يقل: إن شاء الله، فاحتبس عنه الوحي ".

وقال زيد بن أسلم: " كان سبب احتباس جبرائيل (عليه السلام) كون جرو في بيته، فلمّا نزل عليه جبرائيل عاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبطائه، فقال: يا محمد أما علمت أنّا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة "

واختلفوا في مدة احتباس الوحي عنه، فقال ابن حريج: اثني عشر يوماً، وقال ابن عباس: خمسة عشر يوماً، وقيل: خمسة وعشرين يوماً، وقال مقاتل: أربعين يوماً. قالوا: فقال المشركون: إنّ محمداً ودعّه ربّه وقلاه، ولو كان أمره من الله لتتابع عليه كما كان يفعل بمن قبله من الأنبياء. " وقال المسلمون: يا رسول الله أما ينزل عليك الوحي؟ فقال: " وكيف ينزل عليّ الوحي وأنتم لا تنقون براجمكم ولا تقلّمون أظفاركم " ، فأنزل الله سبحانه جبرائيل (عليه السلام) بهذه السورة فقال النبي صلى الله عليه وسلم " يا جبرائيل ما جئت حتى اشتقت إليك " ، فقال جبرائيل (عليه السلام): وأنا كنت إليك أشدّ شوقاً ولكني عبد مأمور وما ننزل إلاّ بأمر ربّك ".

أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا محمد بن يعقوب قال: حدّثنا الحسن بن علي بن عفان قال: حدّثنا أبو أُسامة، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، أنه سمع جندب بن سفيان يقول: " رمي النبي صلى الله عليه وسلم بحجر في إصبعه، فقال:

" هل أنتِ إلاّ إصبع دميتِ * وفي سبيل الله مالقيتِ "

فمكث ليلتين أو ثلاثاً لا يقوم [الليل]، فقالت له امرأة: يا محمد ما أرى شيطانك إلاّ قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث ليال. وقيل: إنّ المرأة التي قالت ذلك أم جميل امرأة أبي لهب، فأنزل الله سبحانه { وَٱلضُّحَىٰ } " يعني النهار كلّه، دليله قوله { وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } فقابله بالليل، نظيره قولهأَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ } [الأعراف: 98] أي نهاراً، وقال قتادة ومقاتل: يعني وقت الضحى، وهي الساعة التي فيها ارتفاع الشمس، واعتدال النهار من الحر والبرد في الشتاء والصيف، وقيل: هي الساعة التي كلّم الله فيها موسى، وقيل: هي الساعة التي أُلقي السحرة فيها سجّدا، بيانه قوله سبحانه:وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } [طه: 59] وقال أهل المعاني فيه وفي أمثاله: بإضمار الربّ مجازه: وربّ الضحى.

{ وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } قال الحسن: أقبل بظلامه، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، الوالبي عنه: إذا ذهب الضحّاك: غطّى كلّ شيء، مجاهد وقتادة وابن زيد: سكن بالخلق واستقر ظلامه، يقال: ليل ساج، وبحر ساج إذا كان ساكناً، قال الراجز:

السابقالتالي
2 3 4 5 6