الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ }

{ من شر الوسواس } هو اسم بمعنى الوسوسة وهو الصوت الخفى الذى لا يحس فيحتزر منه كالزلزال بمعنى الزلزلة واما المصدر فبالكسر والفرق بين المصدر هو أن الحدث ان اعتبر صدوره عن الفاعل ووقوعه على المفعول سمى مصدرا واذا لم يعتبر بهذه الحقيقة سمى اسم المصدر ولما كانت الوسوسة كلاما يكرره الموسوس ويؤكده عند من يلقيه اليه كرر لفظها بازآء تكرير معناها والمراد بالوسواس الشيطان لانه يدعو الى المعصية بكلام خفى يفهمه القلب من غير ان يسمع صوته وذلك بالاغرار بسعة رحمة الله او بتخييل أن له فى عمره سعة وان وقت التوبة باق بعد سمى بفعله مبالغة كأنه نفس الوسوسة لدوام وسوسته فقد اوقع الاستعاذة من شر الشيطان الموصوف بأنه الوسواس الخ ولم يقل من شر وسوسته لتعم الاستعاذة شره جميعه وانما وصفه بأعظم صفاته واشدها شرا واقواها تأثيرا وأعمها فسادا وانما استعاذ منه بالاله دون بعض اسمائه كما فى السورة الاولى لان الشيطان هو الذى يقابل الرحمن ويستولى على الصورة الجمعية الانسانية ويظهر فى صورة جميع الاسماء ويتمثل بها الا بالله والرحمن فلم تكف الاستعاذة منه بالهادى والعليم والقدير وغير ذلك فلهذا لما تعوذ من الاحتجاب والضلالة تعوذ برب الفلق وههنا تعوذ برب الناس ومن هذا يفهم معنى قوله عليه السلام " من رآنى فقد رآنى فان الشيطان لا يتمثل بى " وكذا لا يتمثل بصور الكمل من امته لانهم مظاهر الهداية المطلقة قال بعض الكبار الالقاء اما صحيح او فاسد. فالصحيح الهى ربانى متعلق بالعلوم والمعارف او ملكى روحانى وهو الباعث على الطاعة وعلى كل ما فيه صلاح ويسمى الهاما. والفاسد نفسانى وهو ما فيه حظ النفس ويسمى هاجسا او شيطانى وهو ما يدعو الى معصية ويسمى وسواسا وفى آكام المرجان وينحصر ما يدعو الشيطان اليه ابن آدم فى ست مراتب المرتبة الاولى الكفر والشرك ومعاداة الله ورسوله فاذا ظفر بذلك من ابن آدم برد أنينه واستراح من تعبه معه وهذا اول ما يريده من العبد والمرتبة الثانية البدعة وهى احب الى ابليس من المعصية لان المعصية يتاب منها فتكون كالعدم والبدعة يظن صاحبها انها صحيحة فلا يتوب منها فاذا عجزعن ذلك انتقل الى المرتبة الثالثة وهى الكبائر على اختلاف انواعها فاذا عجز عن ذلك انتقل الى المرتبة الرابعة وهى الصغائر التى اذا اجتمعت اهلكت صاحبها كالنار الموقدة من الخطب الصغار فاذا عجز عن ذلك انتقل الى المرتبة الخامسة وهى اشتغاله بالمباحات التى لا ثواب فيها ولا عقاب بل عقابها فوات الثواب الذى فات عليه باشتغاله بها فاذا عجز عن ذلك انتقل الى المرتبة السادسة وهى ان يشغله بالعمل المفضول عما هوأفضل منه ليفوته ثواب العمل الفاضل ومن الشياطين شيطان الوضوء ويقال له الولهان بفتحين وهو شيطان يولع الناس بكثرة استعمال الماء قال عليه السلام

السابقالتالي
2