الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ } * { لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } * { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ } * { سَلاَمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ }

القراءة: قرأ الكسائي وخلف مطلع بكسر اللام والباقون بفتح اللام وفي الشواذ قراءة ابن عباس وعكرمة والكلبي من كل امرء. الحجة: قال أبو علي: مطلع هنا مصدر بدلالة أن المعنى سلام هي حتى وقت طلوعه وإلى وقت طلوعه نحو مقدم الحاج وخفوق النجم المصدر فيه زماناً على تقدير حذف المضاف فالقياس أن يفتح اللام كما أن مصادر سائر ما كان من فعل يفعل مفتوح العين نحو المخرج والمدخل وأما الكسر فلأن المصادر التي ينبغي أن تكون على المفعل ما قد كُسِرَ كقولهم علاه المكبر والمعجزة وقوله { من كل أمر } قال ابن جني: أنكر أبو حاتم هذه القراءة على أنه حكي عن ابن عباس أنه قال يعني الملائكة قال ولا أدري ما هذا وإنما هو تنزل الملائكة فيها من كل آمر كقوله:فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا } [الدخان: 4 - 5] ومن كل أمر فتمَّ الكلام. ثم استأنف فقال { سلام } أي هي سلام إلى أن يطلع الفجر وقال قطرب معناه هي سلام من كل أمر وأمرىء ويلزم على قول قطرب أن يقال فكيف جاز تقديم معمول المصدر الذي هو سلام عليه وقد عرفنا امتناع جواز تقديم صلة الموصل أو شيء منها عليه والجواب أن سلاماً في الأصل كعُمري مصدر فأما هنا فإنه موضوع موضع اسم الفاعل الذي هو سالمة هي أو مسلمة فكأنه قال من كل أمر سالمة أو مسلمة هي أي هي سالمة أو مسلمة منه. اللغة: القدر كون الشيء مساوياً لغيره من غير زيادة ولا نقصان وقدر الله هذا الأمر يقدره قدراً إذا جعله على مقدار ما تدعو إليه الحكمة والشهر في الشرع عبارة عما بين هلالين من الأيام وإنما سمِّي شهراً لاشتهاره بالهلال وقد يكون الشهر ثلاثين ويكون تسعة وعشرين إذا كان هلالياً فإن لم يكن هلالياً فهو ثلاثون. الإعراب: { خير من ألف شهر } تقديره خير من ألف شهر لا ليلة قدر فيه فحذف الصفة وقوله { سلام هي } هي مبتدأ وسلام خبر مقدم عليه وهو بمعنى الفاعل لأنه إذا حمل على المصدر لم يجز تعليق حتى به لأنه لا يفصل بين الصلة والموصول ومثله قول الشاعر:
فَهَلاّ سَعَيْتُمْ سَعْيَ عُصْبَةَ مازِنٍ   وَهَـلْ كُفَلائي في الْوَفاءِ سَواءُ
سواء بمعنى مستو والتقدير فهل كفلائي مستوون في الوفاء لا بدَّ من هذا التقدير لأن سواء لو كانت مصدراً لما تقدَّم عليه ما في صلته ويجوز تعليق حتى بقوله { تنزل الملائكة } ولا يجوز أن يكون هي مبتدأ وتكون حتى نكرة في موضع الخبر لأنه لا فائدة فيه إذ كل ليلة بهذه الصفة ومطلع مجرور بحتى وهو في معنى إلى.

السابقالتالي
2 3 4 5 6