الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً }

{ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } عطف كما سبق وكذا الكلام في الضمير ولا يختلف المعنى على القولين فيه وهو تخييره صلى الله عليه وسلم بين أن يقوم نصف الليل أو أقل من النصف أو أكثر، بيد أنه رجح الأول بأن فيه جعل معيار النقص والزيادة النصف المقارن للقيام وهو أولى من جعله النصف العاري منه بالكلية وإن تساويا كمية. وجعل بعضهم الإبدال من { ٱلْلَّيْل } الباقي بعد الثنيا والضميرين له، وقال في الإبدال من قليل ليس بسديد لهذا ولأن الحقيق بالاعتناء الذي ينبـىء عنه الإبدال هو الجزء الباقي بعد الثنيا المقارن للقيام لا للجزء المخرج العاري عنه، ولا يخفى أنه على طرف الثمام وكذا اعترض أبو حيان ذلك الإبدال بقوله ((إن ضمير { نِصْفَهُ } حينئذٍ إما أن يعود على المبدل منه أو على المستثنى منه وهو { ٱلْلَّيْل } لا جائز أن يعود على المبدل منه لأنه يكون استثناء مجهول من مجهول، إذ التقدير إلا قليلاً نصف القليل وهذا لا يصح له معنى البتة، ولا جائز أن يعود على المستثنى منه لأنه يلغو فيه الاستثناء إذ لو قيل قم الليل نصفه أو انقص منه قليلاً أو زد عليه أفاد معناه على وجه أخصر وأوضح وأبعد عن الإلباس))، وفيه أنا نختار الثاني وما زعمه من اللغوية قد أشرنا إلى دفعه، وأوضحه بعض الأجلة بقوله إن فيه تنبيهاً على تخفيف القيام وتسهيله لأن قلة أحد النصفين تلازم قلة الآخر وتنبيهاً على تفاوت ما شغل بالطاعة وما خلا منها الإشعار بأن البعض المشغول بمنزلة الكل مع ما في ذلك من البيان بعد الإبهام الداعي للتمكن في الذهن وزيادة التشويق.

وتعقب السمين الشق الأول أيضاً بأن قوله استثناء مجهول من مجهول غير صحيح لأن الليل معلوم وكذا بعضه من النصف وما دونه وما فوقه ولا ضير في استثناء المجهول من المعلوم نحوفَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً } [البقرة: 249] بل لا ضير في إبدال مجهول من مجهول كجاءني جماعة بعضهم مشاة، ومع هذا المعول عليه ما سلف.

وجوز أن يكون { نِصْفَهُ } بدلاً من { ٱلْلَّيْل } بدل بعض من كل والاستثناء منه والكلام على نية التقديم والتأخير، والأصل قم نصف الليل إلا قليلاً وضمير { مِنْهُ } و { عَلَيْهِ } للأقل من النصف المفهوم من مجموع المستثنى منه فكأنه قيل قم أقل من نصف الليل بأن تقوم ثلث الليل أو انقص من ذلك الأقل قليلاً بأن تقوم ربع الليل أو زد على ذلك الأقل بأن تقوم النصف فالتخيير على هذا بين الأقل من النصف والأقل من الأقل والأزيد منه وهو النصف / بعينه ومآله إلى التخيير بين النصف والثلث والربع فالفرق بين هذا الوجه وما ذكر قيل مثل الصبح ظاهر.

السابقالتالي
2 3