الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } * { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَٰلِمُونَ }

يقول تعالى ذكره { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ } قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل: يبدو عن أمر شديد. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عبيد المحاربيّ، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن أُسامة بن زيد، عن عكرِمة، عن ابن عباس { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ } قال: هو يوم حرب وشدّة. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن ابن عباس { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ } قال: عن أمر عظيم كقول الشاعر:
وقامَتِ الحَرْبُ بنا على ساقِ   
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ } ولا يبقى مؤمن إلا سجد، ويقسو ظهر الكافر فيكون عظماً واحداً. وكان ابن عباس يقول: يكشف عن أمر عظيم، إلا تسمع العرب تقول:
وقامَتِ الحَرْبُ بنا على ساق   
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ } يقول: حين يكشف الأمر، وتبدو الأعمال، وكشفه: دخول الآخرة وكشف الأمر عنه. حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن ابن عباس، قوله { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن ساقٍ } هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة. حدثني محمد بن عبيد المحاربيّ وابن حميد، قالا: ثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ } قال: شدّة الأمر وجدّه قال ابن عباس: هي أشد ساعة في يوم القيامة. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { يَوْم يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ } قال: شدّة الأمر، قال ابن عباس: هي أوّل ساعة تكون في يوم القيامة غير أن في حديث الحارث قال: وقال ابن عباس: هي أشدّ ساعة تكون في يوم القيامة. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن سعيد بن جبير، قال: عن شدّة الأمر. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ } قال: عن أمر فظيع جليل. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ } قال: يوم يكشف عن شدة الأمر. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ } وكان ابن عباس يقول: كان أهل الجاهلية يقولون: شمّرت الحرب عن ساق يعني إقبال الآخرة وذهاب الدنيا. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، قال: ثنا أبو الزهراء، عن عبد الله، قال: «يتمثل الله للخلق يوم القيامة حتى يمرّ المسلمون، قال: فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله لا نشرك به شيئاً، فينتهزهم مرّتين أو ثلاثاً، فيقول: هل تعرفون ربكم؟ فيقولون: سبحانه إذا اعترف إلينا عرفناه، قال: فعند ذلك يكشف عن ساق، فلا يبقى مؤمن إلا خرّ لله ساجداً، ويبقى المنافقون ظهورهم طَبَقٌ واحد، كأنما فيها السفافيد، فيقولون: ربنا، فيقول: قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون».

السابقالتالي
2 3 4 5 6