الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }

ينهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن فعل الصلاة في حال السكر الذي لا يدري معه المصلي ما يقول، وعن قربان محالها التي هي المساجد للجنب، إلا أن يكون مجتازاً من باب إلى باب من غير مكث، وقد كان هذا قبل تحريم الخمر كما دل عليه الحديث الذي ذكرناه في سورة البقرة عند قوله تعالىيَسْـأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ } البقرة 219 الآية فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلاها على عمر، فقال " اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً " ، فلما نزلت هذه الآية، تلاها عليه، فقال " اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً " ، فكانوا لا يشربون الخمر في أوقات الصلوات، فلما نزل قولهيَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأَنصَابُ وَٱلأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } المائدة 90 إلى قوله تعالىفَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } المائدة 91 فقال عمر انتهينا انتهينا. وفي رواية إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن شرحبيل عن عمر بن الخطاب في قصة تحريم الخمر، فذكر الحديث، وفيه فنزلت الآية التي في النساء { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ } فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قامت الصلاة ينادي أن لا يقربن الصلاة سكران، لفظ أبي داود. ذكروافي سبب نزول هذه الآية ما رواه ابن أبي حاتم حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثا شعبة، أخبرني سماك بن حرب قال سمعت مصعب بن سعد يحدث عن سعد قال نزلت فيَّ أربع آيات، صنع رجل من الأنصار طعاماً، فدعا أناساً من المهاجرين وأناساً من الأنصار، فأكلنا وشربنا حتى سكرنا، ثم افتخرنا، فرفع رجل لَحْىَ بعير ففزر به أنف سعد، فكان سعد مفزور الأنف، وذلك قبل تحريم الخمر، فنزلت { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ } الآية، والحديث بطوله عند مسلم من رواية شعبة، ورواه أهل السنن إلا ابن ماجه من طرق عن سماك به. سبب آخر قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمار، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي، حدثنا أبو جعفر عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب، قال صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً فدعانا وسقانا من الخمر، فأخذت الخمر منا، وحضرت الصلاة فقدموا فلاناً، قال فقرأ قل يا أيها الكافرون ما أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون، فأنزل الله { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ } هكذا رواه ابن أبي حاتم، وكذا رواه الترمذي عن عبد ابن حميد، عن عبد الرحمن الدشتكي به، وقال حسن صحيح.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد