الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ }

قوله: { وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ }: في فاعلِ " صَدَّ " ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: ضميرُ الباري. والثاني: ضميرُ سليمان. وعلى هذا فـ { مَا كَانَت تَّعْبُدُ } منصوبٌ على إسقاطِ الخافضِ أي: وصدَّها اللهُ، أو سليمانُ، عن ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دونِ الله، قاله الزمخشري مُجَوِّزاً له. وفيه نظرٌ: من حيث إنَّ حَذْفَ الجارِّ ضرورةٌ كقوله:
3573ـ تَمُرُّون الديارَ ولم تَعُوْجُوا     ......................
كذا قاله الشيخ. وقد تقدَّم لك آياتٌ كثيرةٌ من هذا النوعِ فلهذه بِهِنَّ أُسْوَةٌ. والثالث: أنَّ الفاعلَ هو " ما كَانَتْ " أي: صَدَّها ما كانَتْ تعبدُ عن الإِسلامِ وهذا واضِحٌ. والظاهرُ أنَّ الجملةَ مِنْ قولِه " وصَدَّها " معطوفةٌ على قولِه: " وأُوْتِيْنا ". وقيل: هي حالٌ مِنْ قوله: " أم تكونَ من الذينَ " و " قد " مضمرةٌ وهذا بعيدٌ جداً. وقيل: هو مستأنَفٌ إخبارٍ من اللهِ تعالى بذلك.

قوله: " إنَّها " العامَّةُ على كسرِها استئنافاً وتعليلاً. وقرأ سعيد بن جبير وأبو حيوةَ بالفتح، وفيها وجهان، أحدهما: أنها بدلٌ مِنْ " ما كانَتْ تعبدُ " ، أي: وصَدَّها أنها كانَتْ. والثاني: أنها على إسقاطِ حَرْفِ العلةِ أي: لأنَّها، فهي قريبةٌ من قراءةِ العامة.