الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ } هذا خطاب لاهل العشق والمحبة والشوق الذين اسكرتهم انوار القدوسية وسبحات السبوحية وسطوات العظمة وشربات بحار الازلية ولطائف كشوفات القدمية وهم حيارى سكارى تنهونون فى نهية الاحوال تائهون فى مشاهد الجلال والجمال فغالب احوالهم العبرات والغلبات والزعفات والشهقات والهيجان والهيمان لا يعرفون الاوقات ولا يعلمون الليل من النهار ولا النهار من الليل لايقدرون فى حال سكرهم اى ماتون على شرائط الصلاة من القيام والقراءة والركوع والسجود كهشام بن عبدان وبهلول وسعدون وجميع عقلاء المجانين اى ايها العارفون بذاتى وصفاتى واسمائى ونعوتى السكارى من شراب محبتى وسلسبيل انسى وتسنيم قدمى وزنجبيل قربى وخمور عشقى وعقار مشاهدتى اذا كشفت لكم جمالى واوقعتكم فى مقام ربوبيتى فلا تكلفوا انفسكم امر صورة الظاهر لانكم فى جنان مشاهدتى وليس فى جنة جلالى تعبد حتى سكنتم فى تعبد حتى سكنتم من سكركم وصرتم صاحين على نعت التمكين فان جنون العشق يرفع قلم التكليف عن مجنون محبتي فاذا تصلون وتقربون مقام البدايات على حد الصحو وان كنتم مضطربين من خمار ذلك السكر لأن السكران والصاحى يذهبان عن صورة العقل الى عالم العشق عند طلوع جلال عظمتى من مطالع قدمى فى عيون ابصار اسرارهم فعند ذلك يستوي حالهما
اذا طلع الصباح لنجم راح   تساوى فيه سكران وصاحى
وكشف تعالى غمة ابهام المبطلين الذين يطعنون اشاراتنا لقلة افهامهم بها حيث قال لا تقربوا الصلوة وانتم سكارى ذكر القربة وما قال لا تصلوا وشرط فيها السكر والسكر خطرات والصحو وطنات وإذا ابقى العقل الالهى فى اشراق انوار سلطان المشاهدة ذرة فينبغى ان تصلى وتؤدي حق الاوقات فان بعض مشايخنا لما حان عليهم وقت الصلاة وهم فى وجدو حاله قاموا الى الصلاة ومريدوهم عدوا ركعاتهم وسجداتهم وركوعاتهم فاذا ساهوا عن شئ ذكروهم ذلك وهذا من كمال ظرافتهم فى المعرفة وايضاً خاطب اهل الغفلة وسكارى الجهل من شراب الهوى والشهوة ان لا ياتوا الى مقام مناجاته وقربه ومشاهدته حتى تخرجوا منها فان الغافل لا يؤدى فرائضه على شرائط السنة قال الواسطى لا تقرب الى مواصلتى إلا وانت منفصل عن جميع الاكوان وما فيها.