الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِٱلأَبْصَارِ }

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي } يسوق برفق وفسره بعض بمجرد السوق ومن ذلك بضاعة مزجاة يزجيها كل احد اي يدفعها ولا يرضاها { سَحَاباً } يكون مفردا كما هنا ويكون جمعا. وفسره بعضهم الازجاء بالانشاء * { ثُمَّ يُؤلِّفُ } بالواو خالصة عند ورش وعن نافع وقرأة بغير همزة * { بَيْنَهُ } اي بين اجزائه فانه يكون قطعا ويضم الله بعضه إلى بعض فيكون قطعة واحدة ولذلك صحت كلمة بين كقول امرئ القيس
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل   
اي بين مواضع الدخول وهو مكان. { ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً } الركام الذي بعضه فوق بعض يتكاثف { فَتَرَى الْوَدْقَ } المطر * { يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ } من فقوقه وهي مخارجه والهاء للسحاب وهو جمع خلل كجبل وجبال. وقرئ من خلله بالافراد * { وَيَنْزِّلُ } وقرئ بالتخفيف واسكان النون على انه من الانزال * { مِنَ السَّمَآءِ } من الغمام وكل ما علاك فهو سماء ولو سقفا ومن للابتداء * { مِن جِبَالٍ } من للابتداء ايضا فيكون من جبال بدلا من قوله { مِنَ السَّمَآءِ } بدل بعض ان اعتبرنا ان السماء شاملة لتلك الجبال وبدل اشتمال ان اعتبرنا انها غير شاملة لها * { فِيهَا } نعت لجبال والضمير للسماء * { مِن بَرَدٍ } حال جبال أو صفتها أو حال ضميرها المستتر في فيها او نعت ثان لجبال ومن للبيان أي من جبال كائنة في السماء هي برد أو للتبعيض والبرد القطع البيض الجامدة تنزل من السماء صغارا أو كبارا كالحجارة وتسمى حب الغمام وقيل الثلج. قال ابن عباس اخبر الله ان في السماء جبالا من برد قال رجل لابن عباس اتينا الليلة بمطر الضفادع فقال صدق ان في السماء بحارا أو قيل من الثانية للتبعيض فتعلق بـ ينزل كالاولى اي بعض جبال وهي مغنية عن مفعول ينزل وعلى انها للابتداء فمفعول ينزل محذوف اي ينزل كثيرا. وقيل من الثالثة للابتداء. قال ابن هشام قال الفارسي من الثالثة زائدة في المفعول بناء على جواز زيادتها في الايجاب. وقيل المراد بالسماء؟ السماء المظلة التي بينها وبين الارض خمسمائة عام وان فيها جبالا من برد كما ان في الارض جبالا من حجر وقدرة الله صالحة لذلك ولا مانع عقليا ولا سماعيا لذلك. وقيل ليس المراد فيها أو بينها وبين الارض جبالا من برد حقيقة ولكن المراد انه ينزل منها أو مضاء بينها وبين الارض مقدار جبال في الكثرة من برد كما يقال فلان عنده جبال من ذهب وجبال من علم وجبال من مال. قيل والحقيقة اولى حملا للفظ على ظاهره والامر كذلك. قال القاضي والمشهور ان الابخرة إذا تصاعدت ولم يتخللها حرارة فبلغت الطبقة الباردة من الهواء وقوي البرد هناك اجتمع وصار سحابا فان لم يشتد البرد تقاطر مطرا فان اشتد بان وصل إلى الاجزاء البخارية قبل اجتماعها نزل ثلجا والانزال بردا وقد يبرد الهواء بردا مفرطا فينقبض وينعقد سحابا وينزل منه المطر أو الثلج وكل ذلك بإرادة الله وقدرته * { فَيُصِيبُ بِهِ } بالبرد { مَن يَشَآءُ } فيهلكه به أو ماشيته أو حرثه أو الكل.

السابقالتالي
2