قوله جلّ ذكره: { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ }. { عَن سَاقٍ }: أي عن شِدَّةٍ يومَ القيامة. ويقال في التفسير عن ساقِ العرش. يُؤْمَرون بالسجود؛ فأمَّا المؤمنون فيسجدون، وأمَّا الكفار فتُشَدُّ أصلابُهم فلا تنحني. وقيل: يكشف المريضُ عن ساقه - وقت التوفِّي - ليُبْصِرَ ضعفَه - ويقول المؤذَّنُ: حيِّ على الصلاة - فلا يستطيع. وعلى الجملة فقد خَوَّفَهم بهذه القالة: إمَّا عند انتهائهم في الدنيا أو ابتدائهم في الآخرة. {... وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَٰلِمُونَ }. يذكرهم بذلك ليزدادوا حسرةً، ولتكونَ الحجةُ عليهم أبلغَ. قوله جلّ ذكره: { فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ }. سنُقَرِّبُهم من العقوبة بحيث لا يشعرون. والاستدراجُ: أَنْ يريد الشيءَ ويَطْوِي عن صاحبه وَجْهُ القَصْدِ فيه، ويُدْرِجُه إليه شيئاً بعد شيء، حتى يأخذه بغتةً. ويقال: الاستدراج: التمكين من النِّعم مقروناً بنسيان الشكر. ويقال: الاستدراجُ: أنهم كلما ازدادوا معصيةً زادهم نعمةً. ويقال: أَلاَّ يُعاقِبَه في حالِ الزَّلَّة، وإنما يؤخِّر العقوبَة إِلى ما بعدها.. ويقال: هو الاشتغال بالنعمة مع نسيان المنعم. ويقال: الاغترارُ بطول الإمهال. ويقال: ظاهرٌ مغبوط وباطنٌ مُشَوَّش. قوله جلّ ذكره: { وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ }. أُمْهِلُهم... ثم إِذا أَخَذْتُهم فأخْذِي أَليمٌ شديدٌ. قوله جلّ ذكره: { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ }. أي: ليس عليهم كُلْفة مقابلَ ما تدعوهم إليه، وليست عليهم غرامة إِنْ هم اتبعوك... فأنت لا تسأل أجراً... فما موجِباتُ التأخُّرِ وتركُ الاستجابة؟ { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ }؟. أم عندهم شيءٌ من الغيب انفردوا به وأوجب لهم ألا يستجيبوا؟.