الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } وصف الله سبحانه فى حقيقة الاشارة اهل السكر فى المشاهدة اذا وصلوا محض الاتصاف والاتحاد غابوا فى غيبه واستغرقوا فى بحار الوهيته وفنوا من اوصاف الحدوثية بعد انتعاتهم بنعوت الالوهية وصاروا باقين بنعته لا يرون وصفهم ويرون وصف الحق فكادوا ان يخرجوا بدعوى الانائية فان الله سبحانه سياخذ انوار شموس الذات واقمار الصفات عن عيون ارواحهم قليلا قليلا وهم لا يعلمون من غلبة سكرهم وحلاوة احوالهم حتى يغيب انوار الغيب عن ابصار اسرارهم ويبقيهم فى عرصات الصحو حتى يروا انفسهم فى مقام الغيبة والاستتار قال الواسطى لو كشف للخلق لصاروا حيارى ولكن يبدأهم بالتلبيس والسر ثم يكشف ليعرفوا قدر ما هم عليه واما الغاية فهو الاستدراج قال ابو الحسين بن هند المستدرج السكران والسكران لا يصل اليه الم فجع المصيبة الا بعد افاقته فاذا فاقوا من سكرتهم خلص الى قلوبهم ذلك فانزعجوا ولم يطمئنوا والاستدراج هو السكون الى الذات والتنعم بالنعمة ونسيان ما تحت النعم من المحن والاغترار بحلم الله عز وجل قال ابو سعيد الخراز الاستدراج فقدان اليقين لان باليقين تستبين فوائد باطنه فاذا فقد اليقين فقد فوايد باطنه واشتغل بظاهره واستكثر عن نفسه حركاته وسعيه لغيبوبته عن المنة قال بعضهم لولا الاستدارج لا يخلو العبد منه فى وقت من الاوقات ولولا الاستدراج لما عرف العبد طعم الكرامة لما انزجر عن العقوبة فبالاستدراج يعرف العقوبة ويخلق المقت وبالانتباه يعرف النعمة ويرجو القربة.