الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ }

لقد كانت المرحلة الأولى بالنسبة لإعداد مريم هي قوله الحق على لسانها:إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [آل عمران: 37]. وبذلك تعرفت على طلاقة قدرة الله، والمرحلة الثانية هي سماعها لحكاية زكريا ويحيى وتأكيد الحق لها أنه اصطفاها على نساء العالمين، وفي ذلك أمر يتعلق بالنساء، وكان ذلك إيناساً من الحق لها، وتدخل مريم إلى مرحلة جديدة. { إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ.. } [آل عمران: 45]. والبشارة لا تكون إلا بخبر عظيم مفرح، وقد يتساءل البعض؟ ماذا يقصد الحق بقوله: " كلمة منه "؟ والإجابة هي: أن الحق سبحانه وتعالى يزاول سلطانه في ملكه بالكلمة، لا بالعلاج، فالحق سبحانه علمنا ذلك بقوله:ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [آل عمران: 47]. وهذا القول هو مجرد إيضاح لنا وتقريب لأنه لا يوجد عندنا أقصر في الأمر من كلمة " كن " إن قدرته قادرة بطلاقتها أن تسبق نطقنا بالكاف وهي الحرف الأول من " كن " ، ولكن الحق يوضح لنا بأقصر أمر على طريقة البشر، إن الحق سبحانه وتعالى إذا أراد أمراً فإنه يقول له كن فيكون، وذلك إيضاح أن مجرد الإرادة الإلهية لأمر ما تجعله ينشأ على الفور، و " كن " هي مجرد إظهار الأمر للخلق، هكذا نفهم معنى بشارة الحق لمريم بـ " كلمة منه " ويقول الحق: { ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ } [آل عمران: 45]. إنها ثلاثة أسماء، " المسيح " ، " عيسى " ، " ابن مريم ". ما معنى المسيح؟ قد يكون الممسوح من الذنوب، أو أن تكون من آياته أن يمسح على المريض فيبرأ، أو المسيح المبارك.. أما عيسى. فهذا هو الاسم، والمسيح هو اللقب، وابن مريم هي الكنية.. ونحن نعرف أن العََلمَ في اللغة العربية يأتي على ثلاثة أنواع: اسم أو لقب أو كنية. وابن مالك يقول: " واسما أتى وكنية ولقباً " إن العَلَم على الشخص له ثلاث حالات. إما اسم وهو ما يطلق على المسمى أولاً. والاسم الثاني الذي أطلقناه عليه. إن كان يشعر برفعة صاحبه أو بضعَتِه نسميه لقباً. أما ما كان فيه أب أو أم فيقال له: " كنية " وجاءت الثلاثة في عيسى { ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ } [آل عمران: 45]. " المسيح " هو اللقب، " عيسى " هو الاسم و " ابن مريم " وهو الكنية. ومجيء عيسى باللقب والاسم والكنية ستكون لها حكمة تظهر لنا من بعد ذلك. ويقول عنه الحق: { وَجِيهاً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } [آل عمران: 45].

السابقالتالي
2 3